تفسير العثيمين: العنكبوت
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
قَال المُفَسِّر ﵀: [سُؤالُ تَوبِيخٍ]: نعم هو سُؤالُ توبِيخٍ لأجل أن يُقِرُّوا، كما في قوله تعالى: ﴿كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِير﴾ [الملك: ٨]، والجوابُ: ﴿قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ (٩) وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (١٠) فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾ [الملك: ٩ - ١١].
قَال المُفَسِّر ﵀: [و(اللامُ) في الفِعْلين لامُ قَسَمٍ، وحُذِفَ فَاعِلُهُما الواوُ ونونُ الرَّفْعِ]: (اللام) الأُولَى في قولِه ﷿: ﴿وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ﴾ والثانية في قولِهِ ﷿: ﴿وَلَيُسْأَلُنَّ﴾ فـ (اللام) لامُ قَسَمٍ، والقَسَمُ مُقَدَّرٌ، والنونُ للتَّوكِيدِ، فصارَ التَّوكيدِ بثلاثَةِ مؤكِّدَاتٍ.
[وحُذِفُ فاعِلُهُما الواوُ، ونونُ الرَّفْعِ]: أما حذفُ نونِ الرفْعِ فيقولون: لتَوالِي الأمْثَالِ؛ لأن هناكَ ثلاثة نُوناتٍ اجتَمَعْنَ وكُلُّهُنَّ زائدَاتٌ، فحُذِفتِ النُّونُ الأُولى لتَوالِي الأمثالِ، ولم تُحْذَف نونُ التوكيدِ لأنه جَيءَ بها لمعْنًى، فكان الحذفُ لنونِ الرَّفْعِ التي جرتِ العادَةُ أن تُحذَفَ، ومعلومٌ أن الأفعالَ الخمسةَ تُحذفُ نُونها وجوبًا في حالِ النَّصْبِ والجزْمِ، وجوازًا بكثرةٍ في حالِ النَّفْي، وجوازًا بقِلَّةٍ في حالِ الإثباتِ، وحُذِفتِ الواوُ لالتقاءِ السَّاكنين، على حَدِّ قولِ ابن مالك في الكافِيَةِ:
إنْ ساكنانِ التقَيَا اكْسِرْ مَا سَبَقْ ... وَإِنْ يكُنْ لَيْنًا فحذْفُهُ اسْتَحَقْ
فقول ابن مالك ﵀: [إنْ ساكنانِ التقَيَا اكسِرْ مَا سَبَقْ] مثاله: ﴿لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [البينة: ١]، كُسِرَتِ النُّونُ.
وقوله: "وإن يكنْ لَيِّنًا فَحَذْفُهُ اسْتَحَقَّ"، أي حروف اللِّينِ: الألف أو الواو أو الياء.
1 / 54