تفسير العثيمين: العنكبوت
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
الآية (٤٥)
* * *
* قالَ اللَّه ﷿: ﴿اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾ [العنكبوت: ٤٥].
* * *
قوله ﷿: ﴿اتْلُ﴾ فِعْلُ أمرٍ مَبْنِيٌّ على حَذفِ حرفِ العلَّةِ، أصله: تَلا يَتْلُو. والقاعدةُ: أن فِعلَ الأمرِ هو فعلٌ مضارعٌ مجْزُومٌ حُذِفَ منه حرفُ المضارَعَةِ، فإذا أردت أن تَصوغَ الأمرُ من (خاف) تقول: (خِفْ)، ومثله (نامَ) الأمر منه: (نَمْ) لأن مضارِعَه المجزوم (لم يَنَمْ)، وهكذا.
وقوله ﷿: ﴿اتْلُ﴾ يتَضَمَّنُ التلاوةَ اللَّفْظِيَّةَ، والتلاوة الحُكمِيَّةَ، أما التلاوة اللَّفظية فهي أن تَقْرَأَ القرآنَ، والتلاوةُ الحُكمِيَّةُ أن تأخُذَ بأحكامِهِ وهي تلاوة الاتِّباعِ، مأخوذةٌ من قولهم: تَلا فلانٌ فلانًا، أي: تَبِعَه، قال تعالى: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ﴾ [البقرة: ١٢١].
وقوله ﷿: ﴿اتْلُ﴾ الخطابُ للرَّسولِ ﷺ، وليس مُوَجَّهًا لكل من يَصِحُّ خِطَابُه؛ لأنه قال: ﴿مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ﴾ فهو خاصٌّ بالرسولِ ﷺ؛ لأن غيرَهُ لم يُوحَ إليه، ومع ذلك فالخِطابُ للرَّسُولِ ﵊ خطابٌ له وللأُمَّةِ، بدليلِ قوله ﷿: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ﴾ [الأحزاب: ٢١]،
1 / 233