200

تفسير العثيمين: العنكبوت

الناشر

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٦ هـ

مكان النشر

المملكة العربية السعودية

تصانيف

الجواب: الضميرُ هنا لا يعودُ على آخِرِ مذكورٍ، فالمؤلِّفُ ﵀ ضربَ أمثلةً، لكنَّ المُفَسِّر ﵀ يقولُ: [فكُلًّا مِنَ المذْكُورِين]، ولو قال: (فكُلًّا من المذْنِبِين) لما أُوردَ مثل هذا الإيرادِ، وأما التَّسَلسلُ في ترتيبِ العَذابِ فهو غيرُ واردٍ هنا لأنه قالَ: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ﴾ قال: كثَمودَ؛ لأن شُعَيبًا قبلَ هؤلاء، وعلى كل حالٍ المسألةُ بسَيطَةٌ.
من فوائد الآية الكريمة:
الفَائِدةُ الأُولَى: تمامُ قُدرَةِ اللَّه ﷾ بإرسالِ هذه العُقوباتِ؛ لأنها كلَّهَا عقوباتٌ تدُلُّ على كمالِ القُدْرَةِ.
الفَائِدةُ الثَّانِية: إبطالُ قولِ الملْحِدِينَ في الوقت الحاضر: إن هذه الآيات من الكَوارِثِ، فتَأْتِي الزلازِلُ التي هي الرَّجْفَةُ ويقولون: هذه مسألةٌ طبيعِيَّةٌ، وتأتي الفيضاناتُ العظيمةُ التي تُدَمِّرُ وكذلك الرياحُ الشَّديدةُ، ويقولون: هذه كوارثُ طبيعية، لا يعْتَبِرون ولا يَرَون أنها نوعٌ مِنَ العُقوباتِ التي جَرتْ على الأُمَمِ السابِقَةِ، وهذا من موتِ القَلبِ -والعياذ باللَّه-، فيُعْرِضُ الإنسان عن التأَمُّلِ والتَّدَبُّرِ في هذه الآيات ويُضِيفُها إلى أمورٍ طَبيعِيَّةٍ، وكأن الطبيعةَ هي التي تَخْلُق وتفْعل دونَ اللَّه ﷿.
الفَائِدةُ الثَّالِثةُ: حِكمة اللَّه ﷿؛ لقوله: ﴿أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ﴾، سواء قُلْنَا: إن الباءَ للسَّبَبِيَّةِ أو المقابَلَةِ.
الفَائِدةُ الرَّابِعةُ: إثباتُ الأسبابِ، وكلُّ ما جاءَ في القُرآنِ مِن (لام) للتَّعليلِ أو (باء) للسَّببية فإنها تدُلُّ على إثباتِ الأسبابِ والحِكَم.
الفَائِدةُ الخامِسة: الرَدُّ على الجَبْريَّةِ ومن وافَقَهُم مِنَ الأشْعرية الذين يُنْكِرُونَ

1 / 204