تفسير العثيمين: العنكبوت
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
الآية (٥)
* * *
* قال اللَّه ﷿: ﴿مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٥)﴾ [العنكبوت: ٥].
* * *
قَالَ المُفَسِّر ﵀: [﴿مَن كانَ يَرْجُوا﴾ يَخافُ ﴿لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ﴾ بِهِ ﴿لَآتٍ﴾، فَلْيَسْتَعِدَّ لَهُ، ﴿وَهُوَ السَّمِيعُ﴾ لأَقْوالِ العِبادِ، ﴿العَلِيمُ﴾ بِأَفْعَالهِمْ] اهـ.
قولُه: ﴿مَن كانَ يَرْجُوا﴾، قَالُ المُفَسِّر في تَفْسيرِ ﴿يَرْجُوا﴾: [يخَافُ] وهذا صَرفٌ للَّفْظِ عن ظاهِرِه؛ لأن الرجاءَ غيرُ الخوفِ، الرجاءُ: أي: الأَمَل، وهذا هو الصوابُ، فالمعنى: ﴿يَرْجُوْا لِقَاءَ اللَّهِ﴾، أي: يأمل أن يلقى اللَّه ﷿ راضيًا عنه ﴿فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ﴾، كما في قولِه تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ [الكهف: ١١٠]، وليس هناك ما يوجِبُ صرفَ اللَّفظِ عن ظَاهِرِه، بل إن المعنى: مَنْ كانَ يرْجُو لقِاءَ اللَّهِ وأنه يَلْقاهُ وهو راضٍ عنه، فإن الأمر لَيسَ ببعيدٍ ﴿فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ﴾، أي: المدَّةُ التي جعَلَها اللَّه ﷾ حائلًا بينَكَ وبين لقَائه سوف تَأتِي، يعني: سوفَ يأتي ذلك الأجلُ لا محالةَ، ويُحتمَلُ أن قولَهُ: ﴿فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ﴾، أي: المدَّةُ التي قَدَّرهَا للقائه، وهذا أحسنُ، فالمدَّةُ التي قدَّرهَا للقائِهِ لا بُدَّ أن تَأْتِيَ.
قولُهُ ﷿: [﴿فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ﴾ به]، أي: باللِّقاءِ، ﴿لَآتٍ﴾ (اللام) للتَّوكِيدِ لأنها واقعة في خبرِ (إنَّ)، وقَدْ تقدَّم في شرحِ الألْفِيَّةِ أن مَحلَّها في أَوَّل الجملةِ،
1 / 21