157

تفسير العثيمين: العنكبوت

الناشر

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٦ هـ

مكان النشر

المملكة العربية السعودية

تصانيف

"لَوْلَا أَنَا لَكَانَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ" (^١)، والحقيقةُ أن الذي منَعَهُ أن يكونَ في الدَّركِ الأسفلِ مِنَ النار اللَّهُ ﷾، لكنَّ الرسولَ ﵊ سببٌ، ومن الأَدِلَّةِ أيضًا هذه الآية.
والوجهُ الثَّانِي: إذا أُضِيفَ السببُ الحسِّيُّ أو الشَّرعي مع اللَّهِ بالواو فهذا شِرْكٌ، ودَليلُهُ قولُ الرسولِ ﷺ للرجلِ الذي قال له: ما شَاءَ اللَّهُ وشئتَ، قال: "أَجَعَلْتَنِي للَّه نِدًّا، قُلْ: مَا شَاءَ اللَّهُ وَحْدَهُ" (^٢)؛ ولأن التَّعليلَ يقتَضِي أن يجعلَ هذا السببَ مُسَاوِيًا للَّه ﷾، هذا حُكْمُهُ لا يجوز، وقد يكون شِرْكًا أكبرَ أو أصغر بحسْبِ ما قام في قَلْبِ هذا المشْرِكِ، إنما هو شركٌ على كُلِّ حالٍ.
الوجهُ الثالثُ: إذا أُضيفَ السَّببُ معَ اللَّه بـ (ثُم)، فهذا جائزٌ ودَلِيلُهُ حديثُ قُتَيلَةَ وفيه: "فَأمَرَهُمُ النَّبِيُّ ﷺ إذَا أَرَادُوا أَنْ يَحْلِفُوا أَنْ يَقُولُوا: ورَبِّ الكَعْبَةِ، ويَقُولُوا: مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ شِئْتَ" (^٣)، وكذلك حديثُ ابنِ عباس ﵄ وهو مَشْهُورٌ (^٤)، والتعليل أن (ثُم) تَدُلُّ على التَّرييبِ بمُهْلَةٍ.

(^١) أخرجه البخاري: كتاب فضائل الصحابة، باب قصة أبي طالب، رقم (٣٦٧٠)؛ ومسلم: كتاب الإيمان، باب شفاعة النبي ﷺ لأبي طالب والتخفيف عنه بسببه، رقم (٢٠٩).
(^٢) أخرجه النسائي في الكبرى: كتاب عمل اليوم والليلة، باب النهي أن يقال: ما شاء اللَّه وشاء فلان، رقم (١٠٨٢٥) عن ابن عباس بلفظ: أن رجلًا أتى النبي ﷺ فكلمه في بعض الأمر، فقال: ما شاء اللَّه وشئت، فقال النبي: "أَجَعَلْتَنِي للَّه عَدْلًا، قُلْ: مَا شَاءَ اللَّهُ وَحْدَهُ".
(^٣) أخرجه النسائي: كتاب الأيمان والنذور، باب الحلف بالكعبة، رقم (٣٧٧٣) عن قتيلة بن صيفي بلفظ: أن يهوديًا أتى النبي ﷺ فقال: إنكم تنددون وإنكم تشركون، تقولون: ما شاء اللَّه وشئت، وتقولون: والكعبة، فأمرهم النبي ﷺ إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا: "ورب الكعبة" ويقولون: "ما شاء اللَّه ثم شئت".
(^٤) أخرجه ابن ماجه: كتاب الكفارات، باب النهي أن يقال: ما شاء اللَّه وشئت، رقم (٢١١٧) بلفظ: "إِذَا حَلَفَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَقُلْ: مَا شَاءَ اللَّهُ وَشِئْتُ. وَلَكِنْ يَقُلْ: مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ شِئْتُ".

1 / 161