تفسير العثيمين: الأنعام

محمد بن صالح العثيمين ت. 1421 هجري
82

تفسير العثيمين: الأنعام

الناشر

دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م

مكان النشر

المملكة العربية السعودية

تصانيف

قال: ﴿قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا (٨)﴾ [مريم: ٨] قال الله له: ﴿كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا﴾ [مريم: ٩]، فالذي خلقك من قبل ولم تكن شيئًا قادر على أن يخلق لك ولدًا، وهذا قياس أولوية واضح، أو على الأقل قياس مثلي واضح، فالقادر على العدم قادر على الإيجاد، والقادر على الإيجاد قادر على العدم. إذًا يا أخي لا تستكثر أن تسأل الله ﵎ شيئًا لا تكون فيه معتديًا في الدعاء، ولو كان في نظرك بعيدًا؛ لأن الله - تعالى - على كل شيء قدير. * * * * قال الله ﷿: ﴿وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (١٨)﴾ [الأنعام: ١٨]. قوله: ﴿هُوَ﴾ الضمير يعود على الله ﷿، ومرجعه ما سبق من الآيات. وقوله: ﴿الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ﴾ القهر: هو الغلبة مع السلطان يعني السُّلطة؛ لأن الغالب المطلق قد لا يكون له سلطة، لكن قهر الله ﷿ غلبة مع سلطة تامة. وقوله: ﴿فَوْقَ عِبَادِهِ﴾ هل المراد فوقية المكانة، أو فوقية المكان، أو هما جميعًا؟ المراد هما جميعًا، فوقية المكان، وفوقية المكانة، وعليه فيكون المعنى: هو القاهر فوق عباده من حيث المعنى لا يمكن أن تغلبه قوة، ومن حيث المكان فالله - جل وعلا - فوق كل شيء.

1 / 86