تفسير العثيمين: الأنعام
الناشر
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
* قال الله ﷿: ﴿قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٤)﴾ [الأنعام: ١٤].
أمر الله ﷿ نبيه ﷺ أن يقول معلنًا: ﴿قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا﴾ أستنصر به، ويتولى أمري، وأتولى شرعه، والاستفهام هنا للنفي.
قوله: ﴿أَتَّخِذُ﴾ فعل ينصب مفعولين، المفعول الأول ﴿أَغَيْرَ﴾ مقدّمًا، والثاني: ﴿وَلِيًّا﴾، ولو أردنا أن نرتب حسب العمل لكانت الآية (قل أتخذُ غيرَ الله وليًا).
وقوله: ﴿فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾، أي: خالقهما على غير مثال سبق، والسماوات والأرض تقدم الكلام عليهما مرارًا.
قوله: ﴿وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ﴾، فالله ﷿ هو الذي يُطعِم، ما من طاعم يُطْعَمُ إلا والله الذي أطعمه، بأن يسر له الطعام، ولولا ذلك ما وصل إليه الطعامُ قال الله ﷿ مبينًا هذا ﴿أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (٦٣) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (٦٤)﴾ [الواقعة: ٦٣، ٦٤].
الجواب: بل أنت يا ربنا.
﴿لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (٦٥) إِنَّا لَمُغْرَمُونَ (٦٦) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (٦٧)﴾ [الواقعة: ٦٥ - ٦٧]، ولو جعله الله حطامًا ما طعمناه، ثم قال: ﴿أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (٦٨) أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ (٦٩)﴾ [الواقعة: ٦٨، ٦٩] والجواب: بل أنت يا ربنا هذا الطعام وهذا الشراب، الزرع وهو طعام، والماء وهو الشراب، ثم ما يصلح به الطعام والشراب وهو الطبخ والطهي
1 / 75