تفسير العثيمين: الأنعام
الناشر
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
أما إذا جعلناها من السكنى فالمعنى أن له كل شيء؛ لأن كل المخلوقات ساكنة في مقارّها.
فإن قيل: وإذا كان اللفظ صالحًا لهذا وهذا، فهل نستعمله في المعنيين؟
فالجواب: نعم، بشرط ألا يقع بينهما منافاة، فإن وقع بينهما منافاة أخذ بما يرجحه الدليل، تأمل قوله: ﴿فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ﴾ تجد أنه عام في الزمان، وقوله: في الآية التي قبلها: ﴿قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ عام في المكان، فذكر الله ﵎ عموم المكان وعموم الزمن.
قوله: ﴿وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ ذكر السميع لكل صوت، والعليم بكل حال، وأقسام السمع التي وصف الله بها نفسه قسمان: سمع إجابة وسمع صوت:
سَمْعِ الإجابة: في مثل قول الله ﵎: ﴿إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾ [إبراهيم: ٣٩]، وهذا يشمل سمع الإجابة وسمع الصوت، ومنه قول المصلي: "سمع الله لمن حمده".
وسمع الصوت: أقسام، وإن شئت قل "أنواع"؛ لأننا ذكرنا أنَّ الأول أقسامًا:
النوع الأول: المقصود به التأييد والنصر، والثاني المراد به التهديد، والثالث المراد به الإحاطة.
مثال الذي يقصد له التأييد: قول الله ﵎ لموسى وهارون: ﴿لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى﴾ [طه: ٤٦].
ومثال الذي يقصد به التهديد: قوله تعالى: ﴿أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى﴾ [الزخرف: ٨٠].
1 / 73