تفسير العثيمين: الأنعام
الناشر
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
وليتنا نتوكل على الله حق توكله، فلو توكلنا على الله حق توكله لكان الأمر كما قال النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -: "لرزقكم كما يرزق الطير تغدوا خماصًا وتروح بطانًا" (^١) (تغدوا خماصًا)، أي: تطير في أول النهار وهي جائعة، وترجع في آخر النهار وهي ممتلئة البطون - سبحان الله -، وهذا شيء مشاهد، تجد الطيور في أول الصباح تطير في الجو، وقد أعطاها الله تعالى قوة النظر من رحمة الله ﷿، تنظر للحَبِّ وهي في جو السماء، فتنزل عليه، وتنظر للحبة الصغيرة التي لا يدركها الإنسان إلا بمشقة، تنظرها بسهولة، تجد أنها تأخذ الحبة الصغيرة جدًا في وسط القطيفة المفروشة من بين الخمل الذي فيها، لكن الله ﷿ أعطاها قوة بصر حتى تعيش، المهم أنك متى علمت أن من في السماوات والأرض لله فعلى من تتوكل؟ على الله ﷿: وممن تخاف؟ من الله ﷿. ومن ترجو؟ الله ﷿.
الفائدة الرابعة: جواز إجابة السائل نفسه إذا كان الأمر واضحًا لقوله: ﴿قُلْ لِلَّهِ﴾ مع أن الله أمره أن يسأل ثم أمره أن يجيب، فإذا كان الأمر واضحًا لا نزاع فيه فأجب أنت؛ لأن المسؤول قد يمنعه من الإجابة استكباره وكبرياؤه.
الفائدة الخامسة: أن لله تعالى أن يكتب على نفسه ما شاء لقوله: ﴿كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ﴾.
فإذا قال قائل: كيف يكون الشيء لازمًا على الله؟
_________
(^١) رواه الترمذي، كتاب الزهد، باب: في التوكل على الله (٢٣٤٤)، وابن ماجه، كتاب الزهد، باب التوكل واليقين (٤١٦٤)، والإمام أحمد في مسنده (٢٠٥).
1 / 68