تفسير العثيمين: الأنعام
الناشر
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
* قال الله ﷿: ﴿لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ [الأنعام: ١٢].
صدق الله ﴿لَيَجْمَعَنَّكُمْ﴾ هذه أيضًا جملة مؤكدة بثلاثة مؤكدات، القسم المقدر، واللام الواقعة في جواب القسم، ونون التوكيد، والتقدير: والله ليجمعنكم، الخطاب للخلق، أي: ليجمعنكم أيها الناس كلكم، كما قال ﷿: ﴿قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ (٤٩) لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (٥٠)﴾ [الواقعة: ٤٩، ٥٠] فَنُجمع مع آبائنا، وأجدادنا، وأجداد أجدادنا، إلى آدم ﵇ كلنا نجمع، وكذلك ذرياتنا الأولون والآخرون مجموعون كلهم إلى يوم القيامة، ولما أورد المكذبون بالبعث قولهم: ﴿ائْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [الجاثية: ٢٥] قيل لهم: ﴿قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ [الجاثية: ٢٦]، فأنتم ما قيل لكم الآن تبعثون حتى تحتجوا وتقولوا (هاتوا آبائنا)، بل قيل لكم: إنكم مجموعون ليوم القيامة لا ريب فيه.
وقوله: ﴿إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ هو اليوم الآخر وسمي بهذا لأمور ثلاثة، هذا الذي علمناه - والله أعلم - إذا كان وراء ذلك شيء.
الأول: قيام الناس من قبورهم لرب العالمين، وهذا القيام قيام عظيم، فكل العالم بصيحة واحدة يُحضَرون، لا يتخلف أحد فهو قيام عظيم جدًا جدًا، حتى الذي أكلته السباع وأحرقته النار، وأغرقه الماء لا بد أن يخرج.
الثاني؛ لأنه يقام فيه العدل، فيقتص حتى للشاة الجلحاء من الشاة القرناء.
1 / 65