تفسير العثيمين: الأنعام
الناشر
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
الفائدة التاسعة: حسن المحاجة في القرآن الكريم وهو أنه لو جاء الأمر على اقتراح هؤلاء لم يكن على ما اقترحوه، أي: لم يكن ملكًا لعدم المناسبة بين الرسول والمرسل إليهم، فإذا كان رجلًا عاد اللبس والاقتراح الذي اقترحوه، لقوله: ﴿وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ﴾.
* * *
* قال الله ﷿: ﴿وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (١٠)﴾ [الأنعام: ١٠].
قوله: ﴿وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ﴾ (اللام) هنا موطئة للقسم ومؤكدة له، و(قد) للتحقيق وهذا يرد في القرآن كثيرًا، وعلى هذا فالجملة تكون مؤكدة بثلاثة مؤكدات: قسم مقدر، والثاني (اللام)، والثالث (قد).
وقوله: ﴿اسْتُهْزِئَ﴾، أي: سُخِر، بدليل قوله: ﴿فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ﴾، أي: سخروا به، وقالوا: ﴿أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ﴾ [الأنبياء: ٣٦] وقال تعالى أيضًا ﴿وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ (٣٨)﴾ [هود: ٣٨].
وقوله: ﴿بِرُسُلٍ﴾ نكرة في سياق الإثبات لا تدل على العموم، أي: لا تدل على أن جميع الرسل سُخِر بهم، واعلم أن النكرة في سياق الإثبات لا تدل على العموم إلا إذا قام الدليل على هذا العموم، مثل قول الله ﵎: ﴿عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ (٥)﴾ [الانفطار: ٥] وقوله: ﴿عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ (١٤)﴾ [التكوير: ١٤] فهنا (نفس) نكرة في سياق الإثبات، لكنها للعموم إذ معنى الآية: (علمت كل نفس).
1 / 54