تفسير العثيمين: الأنعام
الناشر
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
لأن الله جعلها موقفًا فإذا قلت: سبحان الله، كيف نقف على قوله: ﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ﴾ قال الشاعر الملحد:
ما قالَ رَبُّكَ ويلٌ للأُلى سَكِرُوا ... بَلْ قالَ رَبُّكَ: وَيْلٌ للمُصَلِّينا
نقول قال ذلك لأنه ملحد لم يقرأ الآية الثانية، فالوقف على قوله: ﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ﴾ [الماعون: ٤] فيه فائدة، قد لا تظهر لبعض الناس؛ لأنه إذا سمع القارئ يقرأ ﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ﴾ ووقف تجده يشوش كيف يكون الويل للمصلين؟ ثم تأتي الآية التي بعدها ﴿الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (٥)﴾ [الماعون: ٥]، فتكون كأنها الغيث نزل على أرض يابسة، وهذا هو السر في أن الأَوْلَى إذا أمكن أن تقف على كل آية ولو تعلق ما بعدها بها.
لو قال قائل: قوله تعالى: ﴿وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا﴾ [البقرة: ٢٨٥]، هل نقف على قوله تعالى: ﴿وَأَطَعْنَا﴾؟
الجواب: نعم تقف على قوله تعالى: ﴿وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا﴾؛ لأنك لو قلت: ﴿سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ﴾ صرت سامعًا مطيعًا غفران الله، وليس كذلك.
لو قال قائل: في أثناء قراءة القرآن أو قراءة الحزب بسرعة من غير تأمل وتدبر هل يراعي الإنسان هذه الوقوف؟
الجواب: نعم ينبغي أن يراعي هذا ويقف حتى وإن كان مُدْرجًا.
الفائدتان الرابعة والخامسة: أنه ينبغي الإظهار في موضع الإضمار إذا دعت الحاجة، لقوله: ﴿لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾، وهذا يقع كثيرًا في القرآن في آيات متعددة، مثل قول الله تعالى: ﴿مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ
1 / 48