تفسير العثيمين: الأنعام
الناشر
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
نُبْعَثُ وقد كنا عظامًا ورفاتًا؟ ويقولون: ﴿أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (٥)﴾ [ص: ٥]
الفائدة السابعة: أن هؤلاء الكفار عندهم عناد - والعياذ بالله - وذلك أنهم قرنوا كفرهم بالاستهزاء، فلم يسلم الشرع ولا من جاء بالشرع من استهزائهم.
* * *
* قال الله ﷿: ﴿أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ (٦)﴾ [الأنعام: ٦].
قوله: ﴿أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ﴾ الاستفهام هنا داخل على النفي (ألم)، وإذا دخلت الهمزة على النفي صار معناه للتقرير، كما في قوله تعالى: ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (١٤)﴾ [الملك: ١٤] يعني: قد علم من خلق؛ وكما في قوله تعالى: ﴿أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (١)﴾ [الشرح: ١]، يعني: قد شرحنا لك صدرك، فإذا أتي حرف النفي بعد همزة الاستفهام فهو للتقرير.
وقوله: ﴿يَرَوْا﴾ يحتمل أن يراد بالرؤية هنا: الرؤية العلمية أو الرؤية البصرية، فالبلاد التي مروا بها مدمرةً رؤيتها بصرية كما في قوله تعالى: ﴿وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ (١٣٧) وَبِاللَّيْلِ﴾، [الصافات: ١٣٧، ١٣٨] والبلاد التي لم يروها ولم يمروا بها تكون رؤيتها علمية يتناقلها أهل الأخبار.
وقوله: ﴿كَمْ أَهْلَكْنَا﴾، أي: أتلفنا و(كم) هنا للتكثير يعني أممًا أهلكناهم من قبلهم.
1 / 40