تفسير العثيمين: الأنعام
الناشر
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
تدبرها، وعما تدل عليه، فكأنهم لم يروا الآيات وهذا كقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ (٩٦) وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (٩٧)﴾ [يونس: ٩٦، ٩٧].
فإن قيل: وهل هم معرضون عنها بوجوههم أو بقلوبهم؟
الجواب: بالجميع فيشمل هذا وهذا، فإذا قيل له: تعالَ انظر آية الله، أعرض ولم ينظر، وقد يري ولكن يعرض عن التأمل بالقلب؛ لأنه - والعياذ بالله - محجوب عن الخير، فلا يحب أن يصل إليه.
من فوائد الاية الكريمة:
الفائدة الأولى: بيان عُتو هؤلاء المكذبين، ووجه ذلك أنه لا تأتيهم أي آية إلا كانوا عنها معرضين، وقد طلبت قريش من النبي ﷺ آية فأراهم انشقاق القمر، أشار إلى القمر فانفلق فرقتين وشاهده الناس (^١)، وقد أشار الله إليه في قوله: ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (١)﴾ [القمر: ١] وهو انشقاق حسي، والمراد بالقمر القمر المشاهد المعروف.
وقد أنكر الفلاسفة وعلماء الفلك أن القمر انشق، وقالوا: لا يمكن؛ لأن الأجرام السماوية لا يمكن فيها التفكك، فهل نقبل قولهم ونرد الأحاديث الصحيحة المشهورة المستفيضة أو نرد قولهم؟
نقول: الواجب على المؤمن أن يرد كل قول يخالف الكتاب والسُّنَّة مهما كان قائله، - سبحان الله - كيف نقول يستحيل أن
_________
(^١) رواه البخاري، كتاب المناقب، باب: سؤال المشركين أن يريهم النبي ﷺ آية (٣٦٣٧)، ومسلم، كتاب صفة القيامة والجنة والنار، باب: انشقاق القمر (٢٨٠٠).
1 / 33