تفسير العثيمين: الأنعام

محمد بن صالح العثيمين ت. 1421 هجري
25

تفسير العثيمين: الأنعام

الناشر

دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م

مكان النشر

المملكة العربية السعودية

تصانيف

المخلوقات لا تتنافي مع العلو ففي اللغة العربية يقولون: ما زلنا نسير والقمر معنا، أو ما زلنا نسير والقطب معنا، وهو كلام سائغ رائج، فيكون معنى كون الله معنا: أنه مطلع علينا وإن كان بعيدًا، فإن كان يمكن اجتماع العلو والمعية في حق المخلوق، فاجتماعها في حق الخالق من باب أولى. ولو قال قائل: ما حكم عبارة المبتدعة التي تقول: الله موجود في كل الوجود؟ الجواب: حرام؛ أولًا لأن قولهم: (الله موجود في كل الوجود) لا يستقيم إلا إذا أرادوا بالوجود أصل المعنى، أي: أرادوا اسم المفعول فيكون الله موجودًا في كل مكان، وهذا مذهب الحلولية تمامًا. ولو قال قائل: الصوفية يقولون: إن قلتم إن الله مستوٍ على العرش، فأين الله قبل ذلك؟ الجواب: الصحابة سألوا الرسول ﷺ فقال: "كان في عماء" (^١)، أي: في عمي، والعمي الغيم الخفيف، أو السحاب الخفيف في السماء. وهؤلاء كلهم الذي يحملهم على هذا هو أنهم ظنوا أن الرب ﷿ تحيط به المخلوقات، وأنه مثل الإنسان، لكن لو قدروا الله حق قدره، وعلموا أن الرب ﷿ أكبر من كل شيء، ولا يمكن لأحد أن يتصوره، وهنا قال ابن عباس

(^١) رواه الترمذي في سننه، كتاب تفسير القرآن، باب: ومن سورة هود (٣١٠٩)، وقال "حسن صحيح"؛ وابن ماجه في: المقدمة، باب: فيما أنكرت الجهمية (١٨٢)، والإمام أحمد في مسنده (١٥٧٥٥).

1 / 29