تفسير العثيمين: الأنعام
الناشر
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
الفائدة السادسة: النداء بالبلاهة والغفلة لأولئك القوم الذين عرفوا أصلهم ومنشأهم ثم يمترون، ويشكون في الأجل المسمى عند الله وهو يوم القيامة، ففي سورة الجاثية احتج الذين ينكرون البعث وقالوا: ﴿ائْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٢٥)﴾ [الجاثية: ٢٥]، فماذا نقول في هذه الدعوى؟ نقول غير صحيحة؛ لأن الذين أخبروا بالقيامة لم يقولوا: يبعثون الآن، ولكن هذا من باب التشبية الذي يقصد به إضلال الخلق.
* * *
* قال الله ﷿: ﴿وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ (٣)﴾ [الأنعام: ٣].
قوله: ﴿وَهُوَ اللَّهُ﴾ (الله) عَلَمٌ على الرب ﷿، لا يكون لغيره، وهذا متفق عليه بين المسلمين، وهو علم مشتق من الألوهية، وأصله الإله، واعلم أن جميع أسماء الله مشتقة كما هو ظاهر، فليس هناك اسم، جامد لله ﷿ أبدًا.
وقوله: ﴿السَّمَاوَاتِ﴾ متعلقة بالاسم؛ لأننا قلنا: إن هذا الاسم مشتق، والمشتق يجوز التعلق به كما قال ناظم قواعد الإعراب:
لا بُدَّ للجارِّ من التَّعَلُّقِ ... بفعلٍ أو معناهُ نحو مُرْتَقِي
إذًا ﴿فِي السَّمَاوَاتِ﴾ متعلقة بلفظ الجلالة؛ لأنه مشتق، والمشتق يجوز تعلق الجار والمجرور به، لكن ما معنى قوله تعالى: ﴿فِي السَّمَاوَاتِ﴾ المعنى: أنه على السماوات، وليس المراد أنه فيها وهي محيطة به؛ لأن هذا مستحيل، والله تعالى أكبر من كل شيء، أو نقول: إن المراد المعنى ليس الذات، بمعنى أنه مألوه في السماوات، يتأله إليه أهل السماء.
1 / 26