تفسير العثيمين: الأحزاب
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
رحمن وهو رحيم، مُتَّصِف بالرحمة، وفاعِل للرحمة، يَعنِي: أنه ﷿ مع كونه رحيمًا فإنه يَرحَم، وهذا الذي قرَّرْته هو ما قرَّره ابنُ القيِّم ﵀ في الفَرْق بين الرحمن وبين الرحيم (^١).
وإن كان بعضُ العُلَماء ﵏ يُفرِّق بينهما بأن الرحمن ذو الرحمة العامَّة، والرحيم ذو الرحمة الخاصَّة، وَيقول: إنه يَدُلُّ على ذلك قوله ﷾: ﴿وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا﴾، لكن المعنى الذي أَشار إليه ابنُ القَيِّم ﵀ أَبلَغُ وأَحسَنُ؛ ولهذا جاءت (الرحمن) على وَزْن (فَعْلان)، وهذا الوزنُ يَدُلُّ غالِبًا على السَّعة والامتِلاء، فهو ﷾ واسِع الرحمة، وهو ﷾ يَرحَم مَن يَشاء، كما قال تعالى: ﴿يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ﴾.
والبسملة آية من كِتاب اللَّه ﷾، تَأتي في مُبتَدَأ كلِّ سورة، إلَّا في سورة (براءَة)، فإنه ليس فيها بَسْملة، وذَكَر أهل العِلْم ﵏ أن سبب سُقوط البَسمَلة في (براءة) أن الصحابة ﵃ أَشْكَلَ عليهم: هل هي من سورة الأَنفال أو هي سُورة مُستَقِلَّة؟ فجعَلوا بينهما فاصِلًا، ولم يَكتُبوا: بسم اللَّه الرحمن الرحيم (^٢). وهذا واضِح.
لكن أَوْضَحُ منه أنه لو كانت البَسمَلة قد نزَلَتْ بين سورة الأنفال و(براءة) لم يُمكِن أن تَسقُط؛ لأن اللَّه تعالى يَقول: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾، لكن لمَّا أَشْكَل على الصحابة هل (براءة) مُستَقِلَّة، أو من سورة الأَنفال وضَعوا الفاصِل فقط.
_________
(^١) انظر: مدارج السالكين (١/ ٥٦).
(^٢) أخرجه الإمام أحمد (١/ ٥٧)، وأبو داود: كتاب الصلاة، باب من جهر بها -أي البسملة-، رقم (٧٨٦)، والترمذي: كتاب تفسير القرآن، باب ومن سورة التوبة، رقم (٣٠٨٦)، من حديث عثمان بن عفان ﵁.
1 / 9