298

تفسير العثيمين: الأحزاب

الناشر

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٦ هـ

مكان النشر

المملكة العربية السعودية

تصانيف

والثاني: (ها)، وهو مُتمَشٍّ على القاعِدة، وابنُ مالِك ﵀ يَقول:
وَقَدِّمِ الْأَخَصَّ فِي اتِّصَالِ ... وَقَدِّمَنْ مَا شِئْتَ فِي انْفِصَالِ (^١)
وضَميرُ المُخاطَب أَخصُّ من ضمير الغائِب؛ ولهذا قال تعالى: ﴿زَوَّجْنَاكَهَا﴾.
والحِكْمة من ذلك: قال ﵎: ﴿لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا﴾.
قوله تعالى: ﴿لِكَيْ لَا يَكُونَ﴾ اللَّام هنا للتَّعليل، و(كَيْ) حَرْف مَصدَر؛ لأنها بعد اللَّام مَصدَرية مَحضَة؛ أي: (لأن)، و(لا) نافِية.
وقوله تعالى: ﴿حَرَجٌ﴾؛ أي: ضِيق ومَشقَّة.
وقوله تعالى: ﴿فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ﴾ أَدعياؤُهم: أَبناؤُهم الذين تَبنَّوْهم، هؤلاءِ همُ الأَدْعياءُ، وهؤلاءِ الأدعياءُ ليسوا بأبناءٍ، كما قال اللَّه تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ﴾ [الأحزاب: ٤]، وتَأمَّلْ قوله تعالى: ﴿لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ﴾، ولم يَقُلْ: (أَبنائِهم الذين تَبنَّوْهم)؛ لأنَّ هذه البُنوَّةَ مُنتَفية شَرْعًا وباطِلة شَرْعًا؛ ولهذا قال تعالى: ﴿أَدْعِيَائِكُمْ﴾.
وبهذا نَعرِف أنَّ قول مَن قال في قوله تعالى: ﴿وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ﴾: (إن قولَه: ﴿أَصْلَابِكُمْ﴾ احتِرازٌ مِن ابنِ التَّبنّي) يَتبيَّن لنا أنَّ هذا القولَ لا وَجهَ له؛ لأنَّ ابنَ التَبنِّي لم يُسمِّه اللَّه تعالى ابنًا أبَدًا، بل نفَى عنه البُنوَّة، فقال تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ﴾، وقال هنا: ﴿لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ﴾، وإذا كان ابنُ التَّبنِّي لا يُسمَّى ابنًا شَرْعًا، فإنه لا حاجةَ إلى

(^١) الألفية (ص: ١٣).

1 / 303