تفسير العثيمين: الأحزاب
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
لقوله تعالى: ﴿مِنْ رَبِّكَ﴾، وقد تَقدَّم كثيرًا بأن الرُّبوبية نَوعانِ والعُبودية نوعان: رُبوبية عامَّة ورُبوبية خاصَّة.
فمِثال الرُّبوبية العامة: قوله ﷾: ﴿رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا﴾ [الصافات: ٥].
ومثال الرُّبوبية الخاصَّة هذه الآية: ﴿مِنْ رَبِّكَ﴾.
وقد اجتَمَع النوعان في قوله ﷾: ﴿قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (١٢١) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ﴾ [الأعراف: ١٢١ - ١٢٢].
وكذلك العُبودية نَوْعان: عامَّة وخاصَّة.
فالعامة مثل قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ﴾ [غافر: ٤٤].
والخاصَّة مثل قوله ﷾: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا﴾ [الإسراء: ١]، والمُراد الرسول ﵊.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أنَّ عِلمَ اللَّه تعالى شامِلٌ للأُمور الباطِنة؛ لقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾.
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: تَحذير الإنسان من المُخالَفة؛ لأن هذا يُوجِب أنَّنا لا نُخَالف اللَّه تعالى ما دُمْنا نَعلَم أنه خَبير بما نَعمَل، فإنه لا يُمكِن أن نُخالِف اللَّه ﷿، مِثْل ما لو قُلْت: اذهَبْ وأنا أَعلَمُ ما تَفعَل. فالمُراد: التهديدُ والتحذيرُ من المُخالَفة، فكلُّ نَصٍّ يُبيِّن اللَّه تعالى فيه أنه يَعلَم ما نَعمَل فهو تَحذير لنا من مخُالَفته.
الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: وجوبُ تَقديم الوحي على الرأي في قوله ﷿: ﴿وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ﴾ فإن هذا الخِطابَ مُوجَّهٌ إلى رسول اللَّه ﷺ وإلى أمَّتِه بالأَوْلى،
1 / 25