تفسير العثيمين: الأحزاب
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
الآية (٢٧)
* * *
* قالَ اللَّه ﷿: ﴿وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا﴾ [الأحزاب: ٢٧].
* * *
وقوله ﵀: [﴿وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا﴾ وهي خَيبرُ وأُخِذت بعد قُرَيْظةَ ﴿وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا﴾]، ﴿وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ﴾ (أَورَثَ) هذه تَنصِب مَفعولين؛ المَفعول الأوَّلُ الكافُ والثاني: ﴿أَرْضَهُمْ﴾؛ والأرض والدِّيار بينهما فَرْق، فالدِّيار جَمْع دار، وهِي المَساكِن والأحياء، وأمَّا الأرض فهي أعَمُّ من ذلك، والأموال هي الأَمتِعة والدراهِم والدَّنانير، وغير ذلك.
وقوله تعالى: ﴿وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا﴾ يَعنِي: ما وطِئْتُموها حتى الآنَ، ولكنكم ستَرِثونها، وهي أرض خيبرَ، فإن النبيَّ ﷺ فَتَحها بعد ذلك في السَّنَة السابعة (^١).
وقوله تعالى: ﴿وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا﴾ فلا يُعجِزه شيءٌ، وقُدِّم المَفعول لتَحقُق وقوعِ الفِعْل به؛ ولهذا قال تعالى: ﴿وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا﴾ ولا تَقُلْ كما يَقول بعض الناس: (إنه على ما يَشاءُ قَديرٌ)؛ لأنك إذا قُلْت: (على ما يَشاء قَدير) خصَصْتَ قُدْرته بما يَشاءُ، مع أن القُدْرة تَتعَلَّق بالذي شاءَه والذي لم يَشَأْه، حتى الذي لم يَشَأه هو قادِر عليه.
(^١) انظر: سيرة ابن هشام (٢/ ٣٢٨)، والبداية والنهاية (٦/ ٢٤٩).
1 / 199