تفسير العثيمين: الأحزاب
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾ [الطلاق: ١].
والَّذي فيه ما يَدُلُّ على الخُصوص مثل قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [التحريم: ١].
والذي فيه ما لا يَدُلُّ على هذا ولا هذا، مثل هذه الآيةِ، ولكنَّ حُكمَها عامٌّ للنبيِّ ﷺ ولأُمَّتِه.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أن النبيَّ ﷺ عبدٌ مأمورٌ مُكلَّفٌ، لأَمْره بالتَّقوى، وعدَم إطاعة الكافِرين والمُنافِقين.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أن الإنسان مَهما بلَغ من المَرتَبة، فإن التَكاليف لا تَسقُط عنه؛ وعلى هذا فيَتَفرَّع من هذه القاعِدةِ: بيانُ ضَلال أُولئكَ الصوفيةِ الذين يَقولون: إن الإنسان إذا وصَل إلى درجة المُعايَنة سقَطَت عنه التكاليفُ! .
قُلنا: لا؛ لأنه لا أحَدَ يَبلُغ مَرتَبة النبيِّ ﵊ عند اللَّه ﷾، ومع ذلك لم تَسقُط عنه التَّكاليفُ.
فإن قالوا: إن اللَّه تعالى يَقول: ﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ﴾ [الحجر: ٩٩]، يَعنِي: حتى تَصِل إلى درجة اليَقين، ثُم تمَتَنِع عن العِبادة؟
فالجَوابُ: أن المُراد باليَقين هنا هو الموت، قولهم -أي: أصحاب الجحيم- كما قال تعالى عنهم: ﴿وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (٤٦) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ﴾ [المدثر: ٤٦ - ٤٧]؛ أَتاهم اليَقينُ، يَعنِي: أنَّهم وصَلوا إلى درجة اليَقين؟ أبدًا، إذ ماتوا على التكذيب ولم يَصِلوا إلى درجة اليَقين، وإذا كان هؤلاء يَقولون: إننا وصَلْنا إلى درجة يَقين يَكونون به من أصحاب الجَحيم، فنحن نُوافِقهم على ذلك.
1 / 18