تفسير العثيمين: الأحزاب
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
ولهذا يَقول ﷾: ﴿وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ﴾ أي: من المُنافِقين ﴿النَّبِيَّ﴾ ﷺ إلى الرجوع.
يَقولون: (يَستَأذِن) بمَعنى: يَطلُب الإِذْن؛ لأن (استَفعَل) تَأتي كثيرًا بمَعنَى: طلَب الشيءِ، ومَنِ استَغْفَرَ طلَب المَغفِرة، واستَعتَب: طلَب العُتبة والعِظة.
ويَقولون: الجُمْلة إمَّا أنَّها حال من ﴿فَرِيقٌ﴾ يَعنِي: حال قولهم يَقولون، وإمَّا أن تَكون عَطْفَ بيان أو بَدلًا من قوله تعالى: ﴿وَيَسْتَأْذِنُ﴾ وكِلاهما له وَجْهٌ:
أمَّا على قولنا إنها حال؛ فلأَنَّ النَّكَرة هنا وُصِفت، والنَّكِرة إذا وُصِفت تَخصَّصت، فجاز وقوع الحال منها.
وأمَّا على قولنا بأنها بَدَلٌ أو عَطْف بيانٍ، فعلى حدِّ قول ابن مالِك ﵀:
وَيُبْدَلُ الْفِعْلُ مِنَ الْفِعْلِ كَمَنْ ... يَصِلْ إلَيْنا يَسْتَعِنْ بِنَا يُعَنْ (^١)
إِذَن: يَجوز فيها وجهان: أن تَكون بدَلًا من قوله تعالى: ﴿وَيَسْتَأْذِنُ﴾، وأن تَكون عَطْفًا مثل البدَل، وأن تَكون حالًا من فاعِل (يَستَأذِن).
قوله تعالى: ﴿يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ﴾ قال ﵀: [غير حَصينة يُخْشَى عليها]، يَقولون ذلك للرسول ﵊ في مُبرِّر الاستِئْذان: إن بُيوتنا عورةٌ، ونَخْشى عليها من العَدوِّ. والعورة هنا يَعنِي: غير حَصينة؛ لأن الحِصْن يَحميها ويَستُرها، كما يَستُر الثوبُ عورة الرَّجُل، هذا مَعنَى قولهم: إنها عَورة؛ يَعنِي: مَكشوفة، ولا يُمكِن أن نَأمَن من هُجوم العَدُو عليها، وفي قِراءة لكنها غير سَبْعيةٍ: "عَوِرَةٌ" بكَسْر الواو، أَيْ: مَعِيبة.
(^١) الألفية (ص: ٤٩).
1 / 117