48

تفسير الطبري جامع البيان - ط هجر

محقق

د عبد الله بن عبد المحسن التركي

الناشر

دار هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان

الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

تصانيف

وَيُزِيلُ الشَّكَّ مِنْ قِرَاءَةِ الْأُمَّةِ، وَفِي تَرْكِهِمْ نَقْلَ ذَلِكَ كَذَلِكَ أَوْضَحُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ بِهَا مُخَيَّرِينَ، بَعْدَ أَنْ يَكُونَ فِي نَقَلَةِ الْقُرْآنَ مِنَ الْأُمَّةِ، مَنْ تَجِبِ بِنَقْلِهِ الْحُجَّةَ بِبَعْضِ تِلْكَ الْأَحْرُفِ السَّبْعَةِ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، لَمْ يَكُنِ الْقَوْمُ بِتَرْكِهِمْ نَقْلَ جَمِيعِ الْقِرَاءَاتِ السَّبْعِ تَارِكِينَ مَا كَانَ عَلَيْهِمْ نَقْلُهُ، بَلْ كَانَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِمْ مِنَ الْفِعْلِ مَا فَعَلُوا، إِذْ كَانَ الَّذِي فَعَلُوا مِنْ ذَلِكَ، كَانَ هُوَ النَّظَرَ لِلْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ، فَكَانَ الْقِيَامُ بِفِعْلِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِمْ بِهِمْ أَوْلَى مِنْ فِعْلِ مَا لَوْ فَعَلُوهُ، كَانُوا إِلَى الْجِنَايَةِ عَلَى الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ أَقْرَبَ، مِنْهُمْ إِلَى السَّلَامَةِ مِنْ ذَلِكَ. فَأَمَّا مَا كَانَ مِنَ اخْتِلَافِ الْقِرَاءَةِ، فِي رَفْعِ حَرْفٍ وَجَرِّهِ وَنَصْبِهِ، وَتَسْكِينِ حَرْفٍ وَتَحْرِيكِهِ وَنَقْلِ حَرْفٍ إِلَى آخَرَ، مَعَ اتِّفَاقِ الصُّورَةِ، فَمِنْ مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ: «أُمِرْتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ» بِمَعْزِلٍ، لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا حَرْفَ مِنْ حُرُوفِ الْقُرْآنِ، مِمَّا اخْتَلَفَتِ الْقِرَاءَةُ فِي قِرَاءَتِهِ بِهَذَا الْمَعْنَى يُوجِبُ الْمِرَاءُ بِهِ كُفْرَ الْمُمَارِي بِهِ فِي قَوْلِ أَحَدٍ مِنْ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ. وَقَدْ أَوْجَبَ ﵊ بِالْمِرَاءِ فِيهِ الْكُفْرَ مِنَ الْوَجْهِ الَّذِي تَنَازَعَ فِيهِ الْمُتَنَازِعُونَ إِلَيْهِ، وَتَظَاهَرَتْ عَنْهُ بِذَلِكَ الرِّوَايَةُ، عَلَى مَا قَدْ قَدَّمْنَا ذِكْرَهَا فِي أَوَّلِّ هَذَا الْبَابِ.

1 / 60