تفسير الطبري جامع البيان - ط هجر
محقق
د عبد الله بن عبد المحسن التركي
الناشر
دار هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م
تصانيف
فَكُنْتَ امْرَأً أَفْضَتْ إِلَيْكَ رَبَابَتِي ... وَقَبْلَكَ رَبَّتْنِي فَضِعْتُ رُبُوبُ
يَعْنِي بِقَوْلِهِ أَفَضْتُ إِلَيْكَ: أَيْ أَوْصَلْتُ إِلَيْكَ رَبَابَتِي، فَصِرْتَ أَنْتَ الَّذِي تَرُبُّ أَمْرِي فَتُصْلِحُهُ لَمَّا خَرَجْتَ مِنْ رَبَابَةِ غَيْرِكَ مِنَ الْمُلُوكِ الَّذِينَ كَانُوا قَبْلَكَ عَلَيَّ، فَضَيَّعُوا أَمْرِي وَتَرَكُوا تَفَقُّدَهُ. وَهُمُ الرُّبُوبُ وَاحِدُهُمْ رَبٌّ؛ وَالْمَالِكُ لِلشَّيْءِ يُدْعَى رَبَّهُ. وَقَدْ يَتَصَرَّفُ أَيْضًا مَعْنَى الرَّبِّ فِي وُجُوهِ غَيْرِ ذَلِكَ، غَيْرَ أَنَّهَا تَعُودُ إِلَى بَعْضِ هَذِهِ الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ. فَرَبُّنَا جَلَّ ثَنَاؤُهُ السَّيِّدُ الَّذِي لَا شِبْهَ لَهُ، وَلَا مَثَلَ فِي سُؤُدُّدِهِ، وَالْمُصْلِحُ أَمْرَ خَلْقِهِ بِمَا أَسْبَغَ عَلَيْهِمْ مِنْ نِعَمِهِ، وَالْمَالِكُ الَّذِي لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ ﴿رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الفاتحة: ٢] جَاءَتِ الرِّوَايَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عِمَارَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " قَالَ جِبْرِيلُ لِمُحَمَّدٍ: يَا مُحَمَّدُ، قُلِ ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الفاتحة: ٢] " قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " يَقُولُ قُلِ الْحَمْدُ ⦗١٤٤⦘ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ الْخَلْقُ كُلُّهُ، السَّمَوَاتُ كُلُّهُنَّ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَالْأَرْضُونَ كُلُّهُنَّ وَمَنْ فِيهِنَّ وَمَا بَيْنَهُنَّ، مِمَّا يُعْلَمُ وَمِمَّا لَا يُعْلَمُ. يَقُولُ: اعْلَمْ يَا مُحَمَّدُ أَنَّ رَبَّكَ هَذَا لَا يُشْبِهُهُ شَيْءٌ "
1 / 143