145

تفسير القرآن الكريم وإعرابه وبيانه - الدرة

الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م

تصانيف

انظر ما ذكرته في الآية رقم [٣٥]. هذا؛ و(﴿أَبْناءَكُمْ﴾): جمع: ابن، وأصله: أبناوكم، وأصل ابن:
بنو، ونساء أصله: نساو، وأيضا: آباء أصله أباو؛ لأنه جمع أب، وأصله أبو، فقل في الثلاثة:
تحركت الواو وانفتح ما قبلهما، فقلبت ألفا، ولم يعتد بالألف الزائدة؛ لأنها حاجز غير حصين.
فالتقى ساكنان: الألف الزائدة، والألف المنقلبة، فأبدلت الثانية همزة، ولقد سئلت عمّا يلي:
همزة المصدر «استغفار» ونحوه همزة وصل، فإذا جمع: استغفارات، ونحوه؛ تبقى الهمزة همزة وصل، وهمزة «ابن» همزة وصل، فلمّا جمع: أبناء، صارت الهمزة همزة قطع، فما الفرق بينهما؟ فالجواب: إنّ همزة المصدر أصليّة، وأما همزة (ابن) فليست أصلية؛ إذ أصله: (بنو) كما رأيت، فالهمزة فيه بدل من حرف علّة أصلي. فلما جمع على (أبناء) فهذه الهمزة همزة أفعال، وليست همزة ابن، كما قد يتوهم.
﴿وَفِي ذلِكُمْ:﴾ الإشارة إلى جملة الأمر؛ إذ هو خبر، فهو كمفرد حاضر؛ أي: وفي فعل الفراعنة بكم ذلك ﴿بَلاءٌ﴾ أي: امتحان، واختبار، و﴿بَلاءٌ﴾ أيضا: نعمة، ومنه قوله تعالى في سورة (الأنفال) رقم [١٧]: ﴿وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَنًا﴾. قال أبو الهيثم: البلاء يكون حسنا، ويكون سيئا، وأصله: المحنة، والله ﷿ يبلو عبده بالصنع الجميل؛ ليمتحن شكره، ويبلوه بالبلوى التي يكرهها؛ ليمتحن صبره، فقيل للحسن: بلاء. وللسيّئ: بلاء. حكاه الهروي، والقرطبي. وخذ قوله تعالى في سورة (الأعراف) رقم [١٦٨]: ﴿وَبَلَوْناهُمْ بِالْحَسَناتِ وَالسَّيِّئاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ وقال تعالى في سورة (الأنبياء) رقم [٣٥]: ﴿وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً﴾ وقال ابن كيسان: ويقال: أبلاه، وبلاه في الخير، والشرّ. وأنشد قول زهير في ممدوحيه: هرم بن سنان والحارث بن عوف المرّيين: [الطويل]
جزى الله بالإحسان ما فعلا بكم... وأبلاهما خير البلاء الّذي يبلو
فجمع بين اللغتين. وقيل: الأكثر في الخير: أبليته، وفي الشر: بلوته، وفي الاختبار:
ابتليته، وبلوته. قاله النحاس. هذا؛ وقد قال تعالى في سورة (الفجر) في الخير، وفي الشرّ:
﴿فَأَمَّا الْإِنْسانُ إِذا مَا ابْتَلاهُ..﴾. إلخ، وقال تعالى في الاختبار، والامتحان: ﴿وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ..﴾.
إلخ رقم [١٢٤] الآتية، وبلاء أصله: بلاو، فإعلاله مثل إعلال أبناء... إلخ.
الإعراب: ﴿وَإِذْ:﴾ الواو حرف عطف. (﴿إِذْ﴾): ظرف لما مضى من الزمان مبني على السكون في محل نصب متعلق بمحذوف معطوف على اذكر في الآية رقم [٤٧] وقال مكيّ، والقرطبيّ، وغيرهما: معطوف على نعمتي، وهو يفيد: أنه مفعول به للفعل المقدّر، والمعنى واحد، والنّتيجة واحدة. ﴿نَجَّيْناكُمْ:﴾ فعل، وفاعل، ومفعول به، والجملة الفعلية في محل جرّ بإضافة (﴿إِذْ﴾) إليها، و﴿مِنْ آلِ﴾ متعلقان بما قبلهما، و﴿آلِ﴾ مضاف و﴿فِرْعَوْنَ﴾ مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة؛ لأنه ممنوع من الصرف للعلميّة، والعجمة. ﴿يَسُومُونَكُمْ:﴾

1 / 148