تفسير القرآن العظيم
محقق
محمد حسين شمس الدين
الناشر
دار الكتب العلمية، منشورات محمد علي بيضون - بيروت
رقم الإصدار
الأولى - 1419 هـ
تصانيف
أنه فعل وفاعل ومفعول وهذا شاذ غريب جدا وقد روى أبو بكر بن أبي داود في ذلك شيئا غريبا حيث قال: حدثنا أبو عبد الرحمن الأزدي، حدثنا عبد الوهاب بن عدي بن الفضل عن أبي المطرف عن ابن شهاب أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان ومعاوية وابنه يزيد بن معاوية كانوا يقرءون (مالك يوم الدين) قال ابن شهاب: وأول من أحدث «ملك» مروان (قلت) مروان عنده علم بصحة ما قرأه لم يطلع عليه ابن شهاب والله أعلم. وقد روي من طرق متعددة أوردها ابن مردويه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرؤها (مالك يوم الدين) ومالك مأخوذ من الملك كما قال تعالى: إنا نحن نرث الأرض ومن عليها وإلينا يرجعون [مريم: 40] وقال قل أعوذ برب الناس ملك الناس [الناس: 1- 2] وملك مأخوذ من الملك كما قال تعالى: لمن الملك اليوم لله الواحد القهار وقال قوله الحق وله الملك وقال: الملك يومئذ الحق للرحمن وكان يوما على الكافرين عسيرا [الفرقان: 26] وتخصيص الملك بيوم الدين لا ينفيه عما عداه لأنه قد تقدم الإخبار بأنه رب العالمين وذلك عام في الدنيا والآخرة، وإنما أضيف إلى يوم الدين لأنه لا يدعي أحد هنالك شيئا ولا يتكلم أحد إلا بإذنه كما قال تعالى: يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا [النبأ: 38] وقال تعالى:
وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا [طه: 108] وقال تعالى: يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه فمنهم شقي وسعيد [هود: 105] وقال الضحاك عن ابن عباس مالك يوم الدين يقول: لا يملك أحد معه في ذلك اليوم حكما كملكهم في الدنيا، قال: ويوم الدين يوم الحساب للخلائق وهو يوم القيامة يدينهم بأعمالهم إن خيرا فخير وإن شرا فشر إلا من عفا عنه «1» . وكذلك قال غيره من الصحابة والتابعين والسلف وهو ظاهر. وحكى ابن جرير «2» عن بعضهم أنه ذهب إلى أن تفسير مالك يوم الدين أنه القادر على إقامته، ثم شرع يضعفه، والظاهر أنه لا منافاة بين هذا القول وما تقدم وأن كلا من القائلين هذا القول وبما قبله يعترف بصحة القول الآخر ولا ينكره، ولكن السياق أدل على المعنى الأول من هذا، كما قال تعالى: الملك يومئذ الحق للرحمن وكان يوما على الكافرين عسيرا والقول الثاني يشبه قوله تعالى: ويوم يقول كن فيكون والله أعلم. والملك في الحقيقة هو الله عز وجل، قال الله تعالى: هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام [الحشر: 23] وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا «أخنع اسم عند الله رجل تسمى بملك الأملاك ولا مالك إلا الله «3» » وفيهما عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «يقبض الله الأرض ويطوي السماء بيمينه ثم يقول أنا الملك أين ملوك
صفحة ٤٧