تفسير القرآن العظيم - جزء عم
الناشر
دار القاسم للنشر
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
ولما ذكر الله ﷿ في الآيات السابقة أنه جعل هذا القرآن العظيم محفوظًا ومنزهًا عن التحريف والتبديل، وأن السفراء في إيصال هذا الكتاب هم الرسل الكرام الأقوياء الأتقياء، ولم يجعل للشياطين عليهم سبيلًا وهذا مما يوجب الإيمان به وتلقيه بالقبول.
ذكر سبحانه بعد هذا البيان قبح جريمة الكافر وإفراطه في الكفر والعصيان مع كثرة إحسان الله إليه، وبدأ بذكر ضعف الإنسان ومبدئه ومهانته، ليعرف قدره ويطيع ربه ويصرف العبادة لمستحقها، وأن لا يتكبر ويتجبر.
﴿قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ * مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ * مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ * ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ * ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ * ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ * كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ * فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ * أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا * ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا * فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا * وَعِنَبًا وَقَضْبًا * وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا * وَحَدَائِقَ غُلْبًا * وَفَاكِهَةً وَأَبًّا * مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ﴾.
﴿قُتِلَ الْإِنْسَانُ﴾.
﴿قُتِلَ﴾ أي: لعن، وأهلك.
﴿الْإِنْسَانُ﴾ المراد بالإنسان هنا الكافر خاصة.
﴿مَا أَكْفَرَهُ﴾ ﴿ما﴾ استفهامية أي: ما الذي أكفره وأهلكه، أو ما أشد كفره ومعاندته للحق؟
﴿مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ﴾ استفهام تقرير لما يأتي بعده.
﴿مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ﴾ والنطفة هي في الأصل الماء القليل، والمراد به هنا ماء الرجل الدافق الذي يخرج من بين الصلب والترائب يلقيه في رحم المرأة، فحمل وهو ماء مهين فكيف يتكبر؟
1 / 37