تفسير القرآن العظيم - السخاوي
محقق
د موسى علي موسى مسعود، د أشرف محمد بن عبد الله القصاص
الناشر
دار النشر للجامعات
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م
تصانيف
بسم الله الرحمن الرحيم
نبذة عن تفسير السخاوي
١ - تفسير القرآن العظيم للعلامة أبي الحسن علي بن محمد عبد الصمد الشهير بعلم الدين السخاوي المصري الشافعي (ت ٦٤٣ هـ) ﵀.
٢ - لعله من أوائل التفاسير التراثية لمفسر مصري إن لم يكن أولها. ولم تسبق طباعته للبس في نسبته وقد أثبتنا النسبة بأدلة قوية والحمد لله.
٣ - تفسير لغوي أثري.
٤ - اهتم السخاوي فيه بـ:
• الجانب اللغوي والنحوي وفيه شواهد شعرية كثيرة.
• التفسير بالمأثور (بالقرآن والحديث - والأثر).
• ذكر أسباب النزول.
• يتعرض لمسائل فقهية وكلامية وبلاغية بطريقة السؤال والجواب.
٥ - جمع الأقوال في تفسير الآية.
٦ - يرجح بين الأقوال.
٧ - يعتني بالقراءات القرآنية عناية فائقة ويوجهها.
٨ - ينبه على المكي والمدني من السور.
٩ - متعدد المصادر.
١٠ - ينسب الكثير من الأشعار
١١ - خال من الإسرائيليات إلا قليلا.
١٢ - يرد على الزمخشري في الآراء الاعتزالية.
للتفسير نسختان:
١ - بدار الكتب المصرية مكتبة أحمد تيمور رقم (١٥٩) عددها ٣٥١ ورقة - كشف
الظنون ص ٤٤٨.
٢ - بمكتبة ولي الدين - السليمانية - تركيا رقم (١١ - ١٦٦) - ٦٠٠ ورقة - فهارس آل البيت (٢٤٨/ ١).
1 / 5
تقديم للشيخ العلاّمة عبد السلام بن محمد بن حبوس ﵀
(عضو المقارئ المصرية ورابطة القراء ومدرس القراءات وعلم السند بوزارة الأوقاف بدولة الكويت)
بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحمد لله ربّ العالمين، جعل من تيسير فهم القرآن الكريم إعانة على حفظه وحفاظه مصداقا لقوله تعالى: ﴿إِنّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنّا لَهُ لَحافِظُونَ﴾ (٩) [الحجر]، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، قال في كتابه العزيز: ﴿كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ﴾ [ص: ٢٩]، وأشهد أن سيدنا محمدا رسول الله الذى أنزل عليه:
﴿وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلاّ بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ﴾ [إبراهيم: ٤] فما أكرم وما أبرك مما فهمه أصحاب رسول الله ﷺ مما عرفوه ودروه من قدوتهم خاتم الأنبياء وسيد المرسلين، اللهم فصلّ وسلّم وبارك وأنعم على هذا النبي الكريم، والرسول السيد السند العظيم، سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه الغرّ الميامين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فمن يوم أن أعطت ثمار الدعاء المبارك لحبر الأمة الصحابي الجليل ابن عباس ﵄: «اللهمّ فقّهه في الدين وعلّمه التأويل»، من يومها وجاء بعد القطر سيل، فجاء مجاهد بن جبر ﵀ بتفسيره وكان من أوثق أصحاب ابن عباس؛ ولذا اعتمد عليه الإمامان الشافعي والبخاري ﵄.
ثم جاء الإمام ابن جرير الطبري وكتب تفسيره بأسانيده عن ابن عباس، ومجاهد، وسعيد بن جبير، والحسن البصري، وعكرمة، والضحاك، وعن جماعة من الصحابة منهم: عبد الله بن مسعود، وأبو هريرة، وابن عمر وغيرهم.
وبعد ابن جرير الطبري اشتهر جماعة من المفسرين منهم أبو الليث السمرقندي والثعلبي والواحدي والماوردي وابن كثير الدمشقي وآخرون ﵏ جميعا.
واليوم تشرق علينا شمس مشرقة الضياء لتفسير آيات الله للحافظ العلامة فريد دهره، ودرة عصره، وقمر المفسرين وإن كثروا بعد ذلك، المفسر الماهر والقارئ المسند أبو الحسن
1 / 6
علي بن محمد بن عبد الصمد علم الدين السخاوي المصري الشافعي المتوفى سنة (٦٤٣ هـ) رحمه الله تعالى.
أطلعني الشيخان الوقوران من خيرة الأئمة في عصرهما صاحب الفضيلة سعادة الدكتور موسى علي موسى مسعود، وصاحب الفضيلة سعادة الدكتور أشرف محمد عبد الله القصاص، والنجيب الأول (الدكتور موسى علي) قد تشرّفت بأن قرأ عليّ القرآن الكريم عن ظهر قلب برواية حفص عن عاصم، وحضر معي شرح أصول القراءات السبع من الشاطبية للإمام القاسم بن فيرة ﵀.
اطلعت على عجالة على بعض تحقيقهما لهذا السفر العظيم في تفسير القرآن الكريم وأول ما شدني في مقدمتهما قولهما: «بدأنا العمل في هذا الكتاب منذ ما يزيد على سبع سنوات» وطول المدة خاصة من المتخصصين تستوجب التدقيق والتوثيق، فكانا كما قالا بحمد الله - تعالى - فخرج الكتاب في صورة مرضية بفضل الله - تعالى - وأعجبني ما كتبا عن فضل التفسير ومكانته ومراتب المفسرين، وما ذكرا من ترجمة للإمام السخاوي، وعصره، ومصنفاته القيمة، ومكانته العلمية - رحمه الله تعالى رحمة واسعة - ثم ذكرا من الأدلة القطعية التي لا تحتمل الرد ما يثبت نسبة التفسير كله لمصنفه السخاوي، كما اطلعت على الصور المخطوطة لأصل هذا التفسير، وقرأت مقدمة السخاوي لتفسيره على قلة حروفها وكثرة معانيها.
وبعد:
فإنى أبشّر الأمة الإسلامية بهذا السّفر الجليل، وهذا التفسير العظيم كما ذكره صاحبه، وأسأل الله - تعالى - أن يجعل هذا العمل المضني الذي بذله المحققان في إخراج هذا الكتاب في ثوب قشيب يغني من طالعه عن طلب غيره، أسأل الله - تعالى - أن يجعل ذلك في صحائفهما وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم، وأن يحشرنا مع أهل التفسير الصادقين، وأن ينوّر قلوبنا، وأن يجعلنا وإياهم في الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، والحمد لله رب العالمين.
كتبه بقلمه فضيلة الشيخ العلامة عبد السلام بن محمد بن محمد بن إبراهيم بن حبوس المصري الشافعي (عضو المقارئ المصرية ورابطة القراء).
في الكويت ٢٥ جمادى الأولى ١٤٢٧ هـ - ٢٠ يونية ٢٠٠٦ م
1 / 7
بسم الله الرّحمن الرّحيم
مقدمة التحقيق
الحمد لله الذي جعل كتابه المبين كافلا ببيان الأحكام، شاملا لما شرعه لعباده من الحلال والحرام، مرجعا للأعلام عند تفاوت الأفهام وتباين الأقدام وتخالف الكلام، قاطعا للخصام، شافيا للسقام؛ فهو العروة الوثقى التي من تمسك بها فاز بدرك الحق القويم، والجادة الواضحة التي من سلكها فقد هدي إلى الصراط المستقيم، فأي عبارة تبلغ أدنى ما يستحقه كلام الحكيم من التعظيم، وأي لفظ يقوم ببعض ما يليق به من التكريم والتفخيم.
والصلاة والسلام على من نزل إليه الروح الأمين بكلام رب العالمين محمد سيد المرسلين، وخاتم النبيين، وعلى آله المطهرين وصحبه المكرمين.
وبعد ...،
فإنّ شرف العلوم على قدر شرف المعلوم، وإنّ علم كتاب الله - تعالى - أمتن العلوم حبالا، وأرسخها جبالا، وأجملها آثارا، وأسطعها أنوارا، وهو العلم الذي جعل للشرع قواما، وصارت كلّ العلوم له خدّاما.
وإنّ من أجلّ علوم القرآن ما يؤدي إلى فهم معانيه، ويكشف عن مقاصده ومراميه، ويبين للناس بعض أسراره، ويظهر شيئا من وجوه إعرابه وأنواره.
من أجل ذلك عقدنا العزم وشحذنا الهمم - مستعينين بالله تعالى - على تحقيق هذا السفر العظيم في تفسير الذكر الحكيم، للعلامة الشيخ أبي الحسن علم الدين السخاوي - رحمه الله تعالى رحمة واسعة.
وقد بدأنا العمل في هذا الكتاب منذ ما يزيد على تسع سنوات، كان يتخللها بعض الفتور أحيانا، وبعض الانشغال في أعمال أخرى، حتى يسر الله - تعالى - إتمامه، وها هو يخرج بفضل الله تعالى في صورة - إن شاء الله تعالى - مرضية لائقة بموضوعه وبمصنفه؛ ليكون إضافة جديدة مفيدة للمكتبة العربية والإسلامية، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
وقبل أن نتحدث عن المصنف وتفسيره وقيمته ومنهجه في التفسير نقدم موجزا عن فضل التفسير ومكانته ومراتب المفسرين فنقول وبالله التوفيق:
يقول الله ﷿: ﴿يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ [البقرة: ٢٦٩].
قال أبو العالية ﵀: الحكمة: الفهم في القرآن. وقال قتادة: الحكمة: القرآن
1 / 8
والفقه فيه. وقال غيره: الحكمة: تفسير القرآن (^١).
وذكر علي بن أبي طالب ﵁ جابر بن عبد الله فوصفه بالعلم، فقال له رجل: جعلت فداك، تصف جابرا بالعلم وأنت أنت؟ فقال: إنه كان يعرف تفسير قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ﴾ (^٢).
وقال الشعبي: رحل مسروق إلى البصرة في تفسير آية، فقيل له: إن الذي يفسرها رحل إلى الشام، فتجهز ورحل إليه حتى علم تفسيرها (^٣).
وقال إياس بن معاوية: مثل الذين يقرؤون القرآن وهم لا يعلمون تفسيره كمثل قوم جاءهم كتاب من ملكهم ليلا وليس عندهم مصباح فتداخلتهم روعة لا يدرون ما في الكتاب، ومثل الذي يعرف التفسير كمثل رجل جاءهم بمصباح فقرأوا ما في الكتاب (^٤).
وقال مجاهد: أحب الخلق إلى الله أعلمهم بما أنزل. وقال الحسن: والله ما أنزل الله آية إلا أحب أن يعلم فيمن أنزلت وما يعني بها (^٥).
وقال الحسن: أهلكتهم العجمة، يقرأ أحدهم الآية فيعيى بوجوهها حتى يفتري عليّ فيها. وكان ابن عباس يبدأ في مجلسه بالقرآن ثم بالتفسير ثم بالحديث.
وقال علي بن أبي طالب ﵁: ما من شيء إلا وعلمه في القرآن ولكن رأي الرجل يعجز عنه (^٦).
الجرأة في تفسير القرآن ومراتب المفسرين:
روي عن عائشة ﵂ أنها قالت: «ما كان رسول الله ﷺ يفسر من كتاب الله إلاّ آيا بعدد علّمه إياهنّ جبريل» (^٧).
قال ابن عطية الأندلسي: ومعنى هذا الحديث: في مغيبات القرآن، وتفسير مجمله، ونحو هذا مما لا سبيل إليه إلا بتوقيف من الله - تعالى - ومن جملة مغيباته ما لم يعلم الله به كوقت قيام الساعة ونحوه، ومنها ما يستقرأ من ألفاظه؛ كعدد النفخات في الصور، وكرتبة خلق السماوات والأرض.
_________
(^١) روى ذلك ابن جرير الطبري في تفسيره (٣/ ٨٩).
(^٢) سورة القصص، الآية (٨٥) والأثر ذكره القرطبي في مقدمة تفسيره (١/ ٥٩).
(^٣) ذكره الشوكاني في مقدمة تفسيره فتح القدير (١/ ٢٠).
(^٤) ذكره الشوكاني في مقدمة تفسيره فتح القدير (١/ ٢٠).
(^٥) ذكره الشوكاني في مقدمة تفسيره فتح القدير (١/ ٢٠).
(^٦) ذكر ذلك ابن عطية في مقدمة تفسيره المحرر الوجيز.
(^٧) ذكره القرطبي في مقدمة تفسيره (١/ ٦٦).
1 / 9
وكان كبار العلماء من السلف كسعيد بن المسيب، وعامر الشعبي، وغيرهما، يعظمون تفسير القرآن ويتوقفون عنه تورعا واحتياطا لأنفسهم، مع إدراكهم وتقدمهم، وكان جلة من السلف كثير عددهم يفسرونه، وهم أبقوا على المسلمين في ذلك ﵃.
فأما صدر المفسرين والمؤيد فيهم فعلي بن أبي طالب ﵁، ويتلوه عبد الله بن عباس ﵄ وهو تجرد للأمر وكمله وتتبعه، وتبعه العلماء عليه؛ كمجاهد، وسعيد ابن جبير، وغيرهما، والمحفوظ عنه في ذلك أكثر من المحفوظ عن علي بن أبي طالب ﵁.
وقال ابن عباس: ما أخذت من تفسير القرآن فعن علي بن أبي طالب (^١). وكان علي ابن أبي طالب يثني على تفسير ابن عباس ويحث على الأخذ عنه.
وكان عبد الله بن مسعود يقول: «نعم ترجمان القرآن عبد الله بن عباس» (^٢).
وهو الذي يقول فيه رسول الله ﷺ: «اللهم فقهه في الدين» (^٣) وحسبك بهذه الدعوة.
وقال عنه علي بن أبي طالب: «ابن عباس كأنما ينظر إلى الغيب من ستر رقيق» (^٤)، ويتلوه عبد الله بن مسعود، وأبيّ بن كعب، وزيد بن ثابت، وعبد الله بن عمرو بن العاص ﵃ أجمعين.
ومن المبرزين في التابعين الحسن بن أبي الحسن البصري، ومجاهد، وسعيد بن جبير، وعلقمة، ويتلوهم عكرمة، والضحاك بن مزاحم، وإن كان لم يلق ابن عباس، وإنما أخذ عن ابن جبير. وأما السّدي ﵀ فكان عامر الشعبي يطعن عليه وعلى أبي صالح؛ لأنه كان يراهما مقصرين في النظر، ثم حمل تفسير كتاب الله - تعالى - عدول كلّ خلف، وألّف الناس فيه؛ كعبد الرزاق، والمفضل، وعلي بن أبي طلحة، والبخاري، وغيرهم.
ثم جاء محمد بن جرير الطبري ﵀ فجمع على الناس أشتات التفسير، وقرب البعيد وشفى في الإسناد. ومن المبرزين في المتأخرين: أبو إسحاق الزجاج، وأبو علي الفارسي فإن كلامهما منخول، وأما أبو بكر النقاش، وأبو جعفر النحاس، فكثيرا ما استدرك الناس عليهما. وعلى سننهما مكي بن أبي طالب - رحمه الله تعالى - وأبو العباس المهدوي ﵀ وكلهم مجتهد مأجور، ﵏ ونضر وجوههم، وألحقنا بهم في الصالحين.
_________
(^١) ذكره القرطبي في مقدمة تفسيره (١/ ٦٦).
(^٢) ذكره القرطبي في مقدمة تفسيره (١/ ٦٦).
(^٣) رواه البخاري في صحيحه رقم (١٤٣)، ومسلم رقم (٢٤٧٧).
(^٤) ذكره القرطبي في مقدمة تفسيره (١/ ٦٦).
1 / 10
وبعد هذا الموجز نعرّف بصاحب هذا الكتاب في إيجاز أيضا في ثلاث نقاط:
أولا - علم الدين السخاوي (٥٥٨ هـ - ٦٤٣ هـ) (^١) من المولد إلى الوفاة:
* اسمه ولقبه وكنيته ونسبه:
هو الشيخ الإمام العلامة شيخ القراء والأدباء علم الدين أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الصمد بن عبد الأحد بن عبد الغالب بن غطاس الهمداني المصري السخاوي الشافعي نزيل دمشق.
فأما (الهمداني)؛ فنسبة إلى همدان بن مالك بن زيد بن ربيعة بن الخيار بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان.
وأما (السخاوي) فنسبة إلى مسقط رأسه (سخا) وهي بليدة بكفر الشيخ من محافظات مصر (وقديما كانت تتبع محافظة الغربية).
ولقبه (علم الدين)، وكنيته أبو الحسن وقلما يذكر لقبه دون كنيته أو العكس.
* مولده: ولد ب (سخا) من قرى محافظة كفر الشيخ إحدى محافظات مصر سنة ثمان وخمسين وخمسمائة من الهجرة (٥٥٨ هـ) وقيل: سنة تسع وخمسين.
* عصره (^٢):
أولا - الحالة السياسية:
عاش علم الدين السخاوي في أواخر القرن السادس الهجري إلى منتصف القرن السابع الهجري.
وشهدت هذه الفترة الزمنية عصرين من عصور التاريخ الإسلامي وهما عصر الأيوبيين
_________
(^١) تنظر ترجمته في: إنباه الرواة للقفطي (٣١٢، ٢/ ٣١١)، البداية والنهاية لابن كثير (١٣/ ١٧٠)، بغية الوعاة للسيوطي (٢/ ١٩٢ - ١٩٤)، حسن المحاضرة للسيوطي (١/ ٤١٢ - ٤١٣)، الذيل على الروضتين لأبي شامة (١٧٧)، سير أعلام النبلاء للذهبي (٢٣/ ١٢٢ - ١٢٤)، شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (٢٢٢/ ٢٢٣/٥)، طبقات الشافعية للإسنوي (٦٩، ٢/ ٦٨)، طبقات الشافعية للسبكي (٨/ ٢٩٧)، طبقات المفسرين للداودي (١/ ٤٢٥ - ٤٢٨)، غاية النهاية لابن الجزري (١/ ٥٦٨ - ٥٧١)، معجم البلدان لياقوت الحموي (٣/ ١٩٦)، وفيات الأعيان لابن خلكان (٣٤١، ٣/ ٣٤٠).
قال ابن خلكان: وقياسه: سخوي، لكن الناس أطبقوا على النسبة الأولى.
(^٢) ينظر: تاريخ العصر الأيوبي للدكتورة أمينة بيطار (ص: ٣٩ - وما بعدها)، ط. دار الطباعة الحديثة - دمشق - ١٩٨١ م، الحركة الفكرية في مصر في العصرين الأيوبي والمملوكي، للدكتور عبد اللطيف حمزة (ص: ١٥٠ - وما بعدها)، ط ٢. دار الفكر العربي - القاهرة - ١٩٦٨ م.
1 / 11
وعصر المماليك. واتسم هذان العصران بكثرة الفتن الداخلية والخارجية؛ تمثلت الفتن الداخلية في الخلاف والصراع على تقاسم السلطة بين أبناء صلاح الدين بعد موته، مما أدى إلى سقوط دولتهم في نهاية الأمر سنة ٦٤٨ هـ. وقامت على إثرهم دولة المماليك، التي لم تخل أيضا من القلاقل والفتن والخلاف حول تولي السلطة والحكم بين الأمراء والسلاطين، حتى وصل الأمر إلى التقاتل والصراعات التي أودت بحياة البعض منهم.
أما الفتن الخارجية فقد تمثلت في الخطرين الرهيبين اللذين أحدقا بالأمة في ذلك العصر وهما: الخطر الصليبي الأوربي، وما نتج عنه من حروب شديدة طاحنة عرفت في التاريخ (بالحروب الصليبية)، وقد استمرت زمنا طويلا، وانتهى الأمر إلى الهزيمة الشديدة للصليبيين على يد البطل المسلم صلاح الدين الأيوبي في موقعة حطين الخالدة سنة ٥٨٣ هـ وأعاد الأقصى وبيت المقدس للمسلمين بعد احتلال زاد على تسعين عاما تحت أيدي الصليبيين.
ثم جاء الخطر الثاني وهو خطر التتار الذين هجموا هجمة شرسة على العالم الإسلامي، واستولوا على عاصمة الخلافة الإسلامية آنذاك بغداد وقتلوا الخليفة العباسي، واتجهوا نحو الاستيلاء والسيطرة على العالم الإسلامي كله، ولكن الله - تعالى - رد كيدهم في نحورهم، وهيّأ من الأمة من يرد هذا الخطر الرهيب، وظهر القائد البطل المصري المظفر قطز الذي وحّد بين جيش المسلمين في مصر والشام، وتصدى للتتار وألحق بهم هزيمة منكرة في موقعة (عين جالوت) سنة ٦٥٨ هـ.
ثانيا - الحالة الاجتماعية والاقتصادية:
إن الحالة الاجتماعية والاقتصادية في أي عصر تكون تابعة للحالة السياسية، وقد انعكس ذلك الأمر في تلك الفترة التي عاشها السخاوي فقد عاش في الشام ومصر، وكانت البلاد في القطرين تمرّ بظروف متشابهة اجتماعيّا واقتصاديّا؛ فاجتماعيّا كان المجتمع يتألف من مجموعة من الطبقات وهي:
- الحكام وأعوانهم: وكانوا يعيشون في بحبوحة من العيش والترف والبذخ، وظهر في هذه الطبقة بعض المظالم والمفاسد.
- العلماء والفقهاء: وكانوا حلقة الوصل بين الحكام والعامة، وكان الناس يجلّونهم ويحترمونهم لا سيما أهل الحق والشجاعة منهم، الذين لا يخافون في الحق لومة لائم كعلم الدين السخاوي ﵀ وأمثاله فيناصحون الحكام وينكرون عليهم المنكر الذي يظهر منهم. وكان منهم مجموعة من المداهنين للحكام فلا يأمرونهم بمعروف ولا ينهونهم عن منكر، مما أظهر بعض الخلاف بين الفريقين من العلماء.
1 / 12
- العامة: وهم أصحاب المهن والحرف والتجار والزراع وغيرهم من العاملين والكادحين.
- أهل الذمة: وهم اليهود والنصارى الذين يعيشون في الدولة الإسلامية، وكانوا يشاركون في تقدم البلاد، ولهم دور مهم في التجارة والأعمال الحرفية، وبرز منهم كثير من الأدباء وأصحاب الأموال والأعمال.
ثالثا - الحالة العلمية:
لم يؤثر الوضع السياسي للدولة الإسلامية في عصر السخاوي على الوضع العلمي، بل على العكس لقد نشطت الحياة العلمية نشاطا ملحوظا، وذلك لاهتمام الحكام والأمراء بالعلم والعلماء، وتقريبهم لهم، وتشجيعهم لطلبة العلم بإعطائهم المكافآت، وبناء المدارس، وخزائن الكتب، ومساكن الطلاب. واشترك في ذلك السلطان نور الدين زنكي، وسلاطين الأيوبيين وعلى رأسهم صلاح الدين، وسار سلاطين المماليك في الدولة المملوكية على نهج الأيوبيين. وأفرز هذا النشاط العلمي العديد من العلماء والجهابذة في شتى مجالات العلم وكان من أشهر علماء عصره:
١ - فخر الدين الرازي المفسر ت (٦٠٦ هـ).
٢ - ابن الأثير الجزري اللغوي ت (٦٠٦ هـ).
٣ - ابن قدامة ت (٦٢٠ هـ).
٤ - الرافعي ت (٦٢٤ هـ).
٥ - عز الدين بن الأثير المؤرخ ت (٦٣٠ هـ).
٦ - السهروردي ت (٦٣٢ هـ).
٧ - جمال الدين الحصيري الحنفي ت (٦٣٧ هـ).
٨ - ابن العربي المالكي ت (٦٣٨ هـ).
٩ - أبو عمرو بن الصلاح ت (٦٤٣ هـ).
١٠ - العز بن عبد السلام ت (٦٦٠ هـ).
١١ - أبو عمرو بن الحاجب النحوي المالكي ت (٦٤٦ هـ).
١٢ - مجد الدين بن تيمية ت (٦٥١ هـ).
١٣ - ابن مالك النحوي صاحب الألفية ت (٦٧٢ هـ) وهو من تلامذته.
١٤ - محيي الدين النووي ت (٦٧٦ هـ).
1 / 13
وغيرهم كثيرون من شيوخ السخاوي وتلامذته الذين سيأتي ذكرهم في هذا التعريف الموجز له.
* أخلاقه:
وصفه الكثيرون من معاصريه وممن جاءوا بعده وأثنوا على أخلاقه ومن هؤلاء:
قال السيوطى في نعته: «طويل الباع في الأدب، مع التواضع في الدين والمودة وحسن الأخلاق، من أفراد العالم، وأذكياء بني آدم، مليح المجاورة، حلو النادرة، حادّ القريحة، مطّرح التكلّف» (^١).
وقال ابن الجزري بعد تعداد العلوم التي برع فيها السخاوي: «وكان مع ذلك ديّنا خيّرا متواضعا، وافر الحرمة، كبير القدر، محببا إلى الناس، ليس له شغل إلا العلم والإفادة» (^٢).
* منزلته العلمية:
كان الإمام علم الدين السخاوي إماما في العربية، بصيرا باللغة، فقيها، مفتيا، عالما بالقراءات وعللها، مجوّدا لها، بارعا في التفسير، صنف وأقرأ وأفاد، وروى الكثير وبعد صيته، وتكاثر عليه القراء. فهو إمام في القراءات، والحديث، والتفسير، واللغة، والأدب.
قال الإمام الذهبي: «كان إماما كاملا، ومقرئا محقّقا، ونحويّا علاّمة، مع بصره بمذهب الإمام الشافعي ﵁ ومعرفته بالأصول، وإتقانه للغة، وبراعته في التفسير، وإحكامه لضروب الأدب، وفصاحته بالشعر، وطول باعه في النثر» (^٣).
وقال ابن خلكان: «ورأيته بدمشق والناس يزدحمون عليه في الجامع لأجل القراءة ولا يصح لواحد منهم نوبة إلا بعد زمان ... ولم يزل مواظبا على وظيفته إلى أن توفي بدمشق» (^٤).
ونقل السيوطي قول بعضهم: «كان إماما عالما مقرئا محققا مجودا بصيرا بالقراءات وعللها، إماما في النحو واللغة والتفسير، عارفا بالفقه وأصوله، طويل الباع في الأدب» (^٥).
_________
(^١) بغية الوعاة (٢/ ١٩٢).
(^٢) غاية النهاية (١/ ١٩٢).
(^٣) معرفة القراء (ص ٥٠٤)، بغية الوعاة (٢/ ١٩٢).
(^٤) وفيات الأعيان (٣/ ٣٤٠).
(^٥) بغية الوعاة (٢/ ١٩٢).
1 / 14
وليس أدلّ على مكانته العلمية من مصنفاته وتلاميذه وآثاره؛ فقد نقل ابن الجزري العلوم التي برع فيها السخاوي، ثم قال: «أتقن هذه العلوم إتقانا بليغا، وليس في عصره من يلحقه فيها، وكان عالما بكثير من العلوم غير ذلك، مفتيا، أصوليّا، مناظرا».
وقال أيضا: «أقرأ الناس نيّفا وأربعين سنة بجامع دمشق عند رأس يحيى بن زكريا ﵉ ثم بتربة أم الصالح، ولأجله بنيت وبسببه جعل شرطها على الشيخ أن يكون أعلم أهل البلد بالقراءات، فقصده الطلبة من الآفاق، وازدحموا عليه، وتنافسوا في الأخذ عنه» (^١).
وذكر الإسنوي أنه «كان فقيها على مذهب الإمام الشافعي، إماما في القراءات والتفسير والنحو واللغة» (^٢). وقول الإمام الذهبي الذي ترجم له في أكثر من كتاب يشير إشارة صريحة إلى إمامة السخاوي وتفوقه على أقرانه حيث قال: «وانتهت إليه رئاسة الإقراء والأدب في زمانه بدمشق، وقرأ عليه خلق لا يحصيهم إلا الله، وما علمت أحدا حمل عنه القراءات أكثر مما حمل عنه وله تصانيف متقنة» (^٣).
* شيوخه وتلاميذه:
أولا - شيوخه:
أخذ علم الدين السخاوي العلم عن جماعة كبيرة من حلّة العلماء في مصر والشام نذكر منهم:
- من شيوخه في مصر:
١ - الحافظ أبو الطاهر السّلفي (^٤): صدر الدين أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم بن سلفة الأصبهاني، أحد الحفاظ المكثرين، رحل في طلب العلم والحديث ولقي أعيان المشايخ، وكان شافعي المذهب، توفي بالإسكندرية سنة ٥٧٦ هـ.
٢ - صدر الإسلام أبو الطاهر بن عوف بن إسماعيل بن مكي بن إسماعيل بن عيسى بن عوف الزهري الإسكندراني المالكي (^٥)، توفي سنة ٥٨١ هـ.
٣ - أبو الجيوش عساكر بن علي الشافعي (^٦): فقيه مقرئ كامل، وإمام صادق صالح، توفي ٥٨١ هـ.
_________
(^١) غاية النهاية (١/ ٥٦٩).
(^٢) طبقات الشافعية (٢/ ٦٨).
(^٣) العبر في خبر من غبر (٥/ ١٧٨).
(^٤) تنظر ترجمته في: وفيات الأعيان (٢/ ١٠٥).
(^٥) تنظر ترجمته في: شذرات الذهب (٤/ ٢٦٨).
(^٦) تنظر ترجمته في: غاية النهاية (١/ ٥١٢).
1 / 15
٤ - أبو القاسم البوصيري (^١): هبة الله بن علي بن مسعود بن ثابت بن هاضم بن غالب ابن ثابت الأنصاري الخزرجي المعروف بالبوصيري، كان أديبا كاتبا، له سماعات عالية، وروايات تفرد بها، وألحق الأصاغر بالأكابر في علوّ الإسناد، ولم يكن في آخر عصره في درجته مثله، توفي سنة ٥٩٨ هـ.
٥ - الشاطبي (^٢): هو الإمام أبو القاسم - وقيل أيضا: أبو محمد القاسم بن فيّرة بن أبي القاسم خلف بن أحمد الرعيني الشاطبي الضرير المقرئ صاحب (حرز الأماني) في القراءات، وكان عالما بكتاب الله - تعالى - قراءة وتفسيرا، وبحديث رسول الله ﷺ مبرزا فيه عالما بالنحو واللغة، وتصدر للإقراء بمصر، فعظم شأنه، وبعد صيته، وانتهت إليه الرئاسة في الإقراء، توفي سنة ٥٩٠ هـ وهو من أكبر أساتذة السخاوي، ومع ذلك فقد قيض الله - تعالى - لقصيدته في القراءات أن تذاع على يدي تلميذه، وكأنه كان يخصه بذلك حينما قال:
«يقيّض الله لها فتى يشرحها».
لازمه السخاوي مدة وقرأ عليه القرآن بالروايات، وتلقن منه، وقرأ عليه النحو واللغة.
ثم شرح قصيدته المشهورة بالشاطبية في كتابه العظيم (فتح الوصيد في شرح القصيد).
٦ - أبو الجود اللخمي (^٣): هو غياث بن فارس بن مكي المقرئ النحوي العروضي الضرير شيخ القراء بديار مصر، توفي سنة ٦٥٠ هـ.
٧ - الشهاب الغزنوي (^٤): محمد بن يوسف بن علي، أبو الفضل الغزنوي، المقرئ الفقيه النحوي، نزيل القاهرة، توفي سنة ٥٩٩ هـ.
- ومن شيوخه في دمشق:
٨ - ابن طبرزد (^٥): أبو حفص عمر بن أبي بكر بن معمر بن أحمد بن يحيى بن حسان المحدث المشهور البغدادي، كان عالي الإسناد، وأفاد أهلها، وألحق الأصاغر بالأكابر، وطبق الأرض بالسماعات والإجازات، وامتدت له الحياة فخلا له العصر، وكان فيه صلاح وخير، توفي ببغداد سنة ٦٠٧ هـ.
٩ - حنبل بن عبد الله الرصافي (^٦) أبو بكر عبد الله المكبر المحدث راوي المسند بكماله عن
_________
(^١) تنظر ترجمته في: وفيات الأعيان (٦/ ٦٧).
(^٢) تنظر ترجمته في: وفيات الأعيان (١/ ٧٤).
(^٣) تنظر ترجمته في: معرفة القراء الكبار (٤٧٠).
(^٤) تنظر ترجمته في: معرفة القراء الكبار (٥٦٢).
(^٥) تنظر ترجمته في: وفيات الأعيان (٣/ ٤٥٢).
(^٦) تنظر ترجمته في: شذرات الذهب (٥/ ١٢).
1 / 16
ابن الحصين، وسمع المسند في نيف وعشرين مجلسا بقراءة ابن الخشاب، توفي سنة ٦٠٤ هـ.
١٠ - أبو اليمن الكندي (^١): هو زيد بن الحسن تاج الدين أبو اليمن الكندي البغدادي التاجر المقرئ النحوي الحنفي، شيخ القراء والنحاة بدمشق، كان عالي الإسناد في القراءات والحديث، توفي سنة ٦١٣ هـ.
عاود السخاوي قراءة القرآن الكريم عليه بالروايات، ولازمه وقرأ عليه جملة من سماعاته في الأدب وغيره، قال عنه في المفضل: «لقيت جماعة من أهل العربية منهم الشيخ الفاضل أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي ﵀ وكان عنده في هذا الشأن ما لم يكن عند غيره، وأخذت عنه كتاب سيبويه، وقرأت عليه كتاب (الإيضاح) لأبي علي الفارسي مستشرحا، وأخذت عنه كتاب (اللمع) لأبي الفتح بن جني، وكان واسع الرواية وافر الدراية. كما أخذ عنه (الحجة) لأبي علي الفارسي، وذكره في سفر السعادة في مواضع متعددة من الكتاب، كما ذكره في المفضل مادحا ونقل عنه كثيرا من آرائه (^٢).
ثانيا - تلاميذه:
قال الذهبي: «وقرأ على السخاوي خلق لا يحصيهم إلا الله، وما علمت أحدا في الإسلام حمل عنه القراءات أكثر مما حمل عنه، وله تصانيف متقنة، وكان له حلقة بجامع دمشق يقرأ عليه فيها القرآن الكريم والعربية والحديث، فإذا خرج من الجامع إلى قاسيون ركب حمارا، والطلبة يقرؤون عليه القرآن في الطريق» (^٣).
ومن هنا فإن تلاميذه يفوقون الحصر نذكر هنا بعضهم على سبيل التمثيل:
١ - ابن مالك (^٤) أبو عبد الله، جمال الدين محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن مالك الطائي الجياني الشافعي النحوي، نزيل دمشق. الإمام العالم النحوي الذي طبقت شهرته الآفاق، ولد بجيان سنة ٦٠٠ هـ وتوفي سنة ٦٧٢ هـ.
قال ابن الجزري بعد أن ترجم له: وأشهر هؤلاء الشيوخ الذين كان لهم الفضل الكبير في نبوغه في النحو والقراءات أبو الحسن السخاوي، وابن يعيش الحلبي».
٢ - أبو شامة (^٥): شهاب الدين أبو القاسم عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم المقدسي
_________
(^١) تنظر ترجمته في: معرفة القراء الكبار للذهبي (٤٦٧).
(^٢) سفر السعادة وسفير الإفادة للسخاوي، تحقيق الأستاذ محمد أحمد الدالي (١/ ١٥).
(^٣) تنظر ترجمته في: مرآة الزمان لليافعي (٨/ ٧٥٨).
(^٤) تنظر ترجمته في: بغية البغاة (١/ ١٣٠)، شذرات الذهب (٥/ ٣٣٩).
(^٥) تنظر ترجمته في: البداية والنهاية (١٣/ ٢٥٠)، شذرات الذهب (٥/ ٣١٨).
1 / 17
ثم الدمشقي الشافعي المقرئ النحوي، الإمام الحافظ العلامة، صاحب (إبراز المعاني) في شرح قصيدة الشاطبي في القراءات، ولد سنة ٥٩٩ هـ، وتوفي سنة ٦٦٥ هـ.
٣ - أبو الفتح محمد بن علي بن موسى (^١)، شمس الدين الأنصاري الدمشقي، أجلّ أصحاب السخاوي، قرأ عليه السبع، إفرادا وجمعا.
٤ - أبو الفداء إسماعيل بن عثمان المعلم (^٢)، إمام عالم بالقراءات قرأ بالروايات على السخاوي توفي سنة ٧١٤ هـ.
٥ - جمال الدين أحمد بن عبيد الله بن شعيب التميمي الصقلي (^٣)، ولد سنة ٥٩٠ هـ، ولازم السخاوي مدة وأتقن القراءات عليه. توفي سنة ٦٦٧ هـ.
وغير هؤلاء الكثير من العلماء والمشهورين في علوم القراءات واللغة.
* مذهبه في العقيدة والفقه والنحو:
أولا - مذهبه في العقيدة:
كان السخاوي ﵀ يقول بقول الأشاعرة في مسائل الإيمان والاعتقاد لا سيما في القول في صفات الله - تعالى - التي كانت مثار الجدل والخلاف بين طوائف المسلمين من حيث كيفية الإيمان بها.
فمنهم من أثبتها كما وردت في القرآن الكريم وصحيح السنة النبوية من غير تكييف ولا تمثيل ومن غير تشبيه ولا تعطيل، ويمررونها كما أتت على مراد الله - تعالى - في إطار قوله - تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: ١١]، ونفوا عن الله - تعالى - ما لم يثبته لنفسه، مراعين تنزيه الله - تعالى - عن مشابهة خلقه في صفاته، كما لا يشبهه أحد في ذاته. وهذه هي عقيدة الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة المشهورين: أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد ﵏. وهي أيضا عقيدة الإمام أبي الحسن الأشعري - رحمه الله تعالى - كما جاء في كتابيه: (الإبانة عن أصول الديانة)، و(مقالات الإسلاميين)، وهما آخر ما كتب الشيخ أبو الحسن الأشعري - رحمه الله تعالى.
وهناك طائفة أخرى خالفوا هذا المنهج في الإيمان بصفات الله - تعالى - وأدى بهم إعمال عقولهم بطريقة مبالغ فيها إلى نفي الكثير من صفات الله - تعالى - بدعوى التنزيه. وقام على إثر هذا الخلاف طوائف أخرى كالمعتزلة والجهمية والمعطلة وغيرهم، وكان المذهب
_________
(^١) تنظر ترجمته في: طبقات القراء (٢/ ٢١١).
(^٢) تنظر ترجمته في: طبقات القراء (١/ ١٦٦).
(^٣) تنظر ترجمته في: الذيل على الروضتين (٢٣٥).
1 / 18
الأشعري في بعض الأوقات يعده البعض مذهب أهل السنة والجماعة لردهم على المذاهب الأخرى وخاصة المعتزلة الذين بالغوا في تعطيل كثير من الصفات بجانب تبنيهم لآراء جديدة تتعلق بالتوحيد والقدر وموقف أهل الكبائر من المسلمين وغيرها. وقد أعجب السخاوي ﵀ بآراء الأشاعرة في هذه الأمور والتزم مذهبهم وأقوالهم.
وقد صنف السخاوي - رحمه الله تعالى - بعض المصنفات في العقيدة منها: الكوكب الوقاد في الاعتقاد في أصول الدين، كما سيأتي في ذكر مصنفاته وآثاره. وظهر مذهبه العقدي واضحا في هذا التفسير؛ فأوّل صفات الله - تعالى - على النحو الذي يليق بها - من وجهة نظره - بحيث تنتفي أي شبهة أو إيهام بتشبيه صفات الله تعالى بصفات المخلوقين، كما ردّ على المعتزلة في العديد من الأمور، والمتتبع لتفسيره يرى ذلك واضحا جليّا، وقد علقنا على ذلك في الحاشية وبينا مذهب السلف الصالح من أهل السنة والجماعة في تلك الأمور.
ثانيا - مذهبه الفقهي:
تقدم الحديث عن مكانته العلمية ومما ذكر في علومه أنه كان مهتمّا بالفقه عالما بأصوله ومفتيا ومناظرا كما قال الذهبي: «مع بصره بمذهب الإمام الشافعي ﵁ ومعرفته بالأصول». وذكر الإسنوي أنه «كان فقيها على مذهب الإمام الشافعي». ونقل السيوطي قول بعضهم: «كان إماما عالما مقرئا محققا مجودا بصيرا بالقراءات وعللها، إماما في النحو واللغة والتفسير، عارفا بالفقه وأصوله» ونقل ابن الجزري العلوم التي برع فيها السخاوي ثم قال: «أتقن هذه العلوم إتقانا بليغا، وليس في عصره من يلحقه فيها، وكان عالما بكثير من العلوم غير ذلك، مفتيا، أصوليّا، مناظرا». وقد كان مبدأ اشتغاله بالفقه على مذهب الإمام مالك بمصر، ثم انتقل إلى مذهب الإمام الشافعي ﵏ جميعا. وقد ظهر اهتمامه بالفقه ومسائله في تفسيره من خلال إيراده للكثير من المسائل والأحكام المستنبطة من الآيات القرآنية، ومن خلال نقله لآراء العديد من الفقهاء، وذكر بعض كتب الفقه، وكان واضحا من خلال عرضه لذلك اتباعه لمذهب الشافعي - رحمه الله تعالى.
ثالثا - مذهبه النحوي:
كان علم الدين السخاوي إماما في النحو واللغة والأدب، وهذا أمر جليّ في ضوء كتبه ومصنفاته، وحسبه كتابه (المفضل في شرح المفصل)، ويعد السخاوي من نحاة القرنين السادس والسابع الهجريين، وكان النحو في هذه الفترة قد وصل إلى مرحلة النضج، وأصبح علما متكاملا شامخ البنيان مكتمل الأركان، مما جعل دور نحاة هذه الفترة يغلب عليه الترجيح والاختيار والشرح والتحليل والتبويب والتنظيم لمصنفات السابقين وآرائهم،
1 / 19
ومع ذلك فقد أبدع النحاة في تلك الفترة في جمع آراء وأقوال العلماء المتقدمين، من خلال كتبهم، وعرضها مع المناقشة والترجيح والاختيار، على أساس الدليل القوي والحجة على ما يختارونه - وامتاز نحاة هذه الفترة بالمنهجية في التأليف والإبداع في التنظيم والتبويب والشرح والتحليل.
- وقد دارت معظم المصنفات والمؤلفات في تلك الفترة في فلك شروح مصنفات المتقدمين، ومن أبرزها: (كتاب سيبويه)، ومصنفات أبي علي الفارسي، وغيرهما.
- وكان الاتجاه الغالب في تلك الفترة على النحاة عدم التقيد بمذهب نحوي معين، بل قام مذهبهم على الاختيار والانتقاء من كل مدرسة ما يرونه صوابا، مستندا على الأدلة والشواهد التي تؤيد هذا الرأي أو ذاك. وهو ما كان يمثّل اتجاه المدرسة البغدادية (^١)، مع وجود طائفة أخرى من النحاة كانوا يتقيدون بمذهب معين من المذاهب النحوية المعروفة.
وكان علم الدين السخاوي - الذي عاش في تلك الفترة - يذهب مذهب غالب نحاة عصره، وهو اتجاه المدرسة البغدادية، مع ميله بصورة أكثر إلى المدرسة البصرية.
- وكان اتجاه البغداديين يقوم على الأخذ من المدرستين الأصليتين مدرسة الكوفة ومدرسة البصرة - هو المذهب الغالب على نحاة تلك الفترة، من أمثال: الزمخشري (ت ٥٣٨ هـ)، وابن الشجري (ت ٥٤٢)، وأبو البركات بن الأنباري (ت ٥٧٧ هـ)، وأبو البقاء العكبري (ت ٦١٦ هـ)، وابن يعيش شارح المفصل (ت ٦٤٣ هـ)، وغيرهم (^٢).
- والحق أن السخاوي ﵀ لم يصرح بمذهبه النحوي في مصنفاته وكذلك لم يصرح بميله وانتمائه إلى مدرسة نحوية معينة، ولكن ما دعانا إلى الحكم ببغداديته في النحو ما استنبطناه من خلال مصنفاته وتفسيره، ويمكن إجمال الأدلة والشواهد على ما ذهبنا إليه في النقاط التالية:
١ - مصادره.
٢ - موقفه من المدارس النحوية ومسائل الخلاف.
٣ - اختياراته ومخالفاته.
٤ - مصطلحاته (^٣).
_________
(^١) ينظر: المدارس النحوية للدكتور شوقي ضيف (ص: ٢٤٥).
(^٢) ينظر: المدارس النحوية (ص: ٢٧٧).
(^٣) ينظر: تفصيل ذلك في: السخاوي وجهوده النحوية من خلال تفسيره للقرآن العظيم (ص: ٣٤١ وما بعدها) للدكتور أشرف محمد عبد الله. رسالة ماجستير - بدار العلوم - المنيا.
1 / 20
* وفاته:
قال أبو شامة أحد تلاميذ الإمام السخاوي: «وفيها - أي في سنة ٦٤٣ هـ - ليلة الأحد ثاني عشر من جمادى الآخرة توفي شيخنا علم الدين أبو الحسن علي بن محمد السخاوي ﵀ علاّمة زمانه، وشيخ عصره وأوانه بمنزله بالتربة الصالحية. وصلّي عليه بعد الظهر بجامع دمشق، ثم خرج بجنازته في جمع متوفر إلى جبل (قاسيون)، فدفن بتربته التي في ناحية تربة بني صصري خلف دار ابن الهادي. حضرت الصلاة عليه مرتين بالجامع وخارج باب الفرج، وشيعته إلى سوق الغنم، ثم رجعت لضعف كان من أثر مرض قريب العهد وكان يوما مطيرا وفي الأرض وحل كثير، وكان على جنازته هيبة وجلالة ورقّة وإخبات. وختم بموته موت مشايخ الشام يومئذ. وفقد الناس بموته علما كثيرا، ومنه استفدت علوما جمّة؛ كالقراءات والتفسير وعلوم العربية، وصحبته من شعبان سنة أربع عشرة، ومات وهو عني راض، والحمد لله على ذلك ﵀ وجمع بيننا وبينه في جنته آمين» (^١). اه.
ثانيا - آثاره ومصنفاته:
ذكر المترجمون له العديد من المصنفات نذكر منها:
١ - الإفصاح وغاية الإشراح في القراءات السبع (^٢).
٢ - أقوى العدد في القراءة (^٣).
٣ - التبصرة في صفات الحروف وأحكام المد (^٤).
٤ - تحفة الفراض وطرقة المرتاض (^٥).
٥ - تفسير القرآن العظيم: وهو الذي بين أيدينا، وسيأتي حديث مستقل عنه إن شاء الله تعالى.
٦ - تنوير الظلم في الجود والكرم (^٦).
٧ - جمال القرّاء وكمال الإقراء وهو مطبوع (^٧).
_________
(^١) الذيل على الروضتين (١٧٧).
(^٢) ينظر: كشف الظنون (١/ ٨١)، هدية العارفين (١/ ٣٧٨).
(^٣) ينظر: كشف الظنون (١/ ٨١)، هدية العارفين (١/ ٣٧٨).
(^٤) ذكر بروكلمان أنّ منه نسخة في الآصفية رقم (٢٦٦).
(^٥) ينظر: كشف الظنون (٢/ ١١٧١)، هدية العارفين (١/ ٣٧٨).
(^٦) ينظر: كشف الظنون (١/ ٥٠١)، هدية العارفين (١/ ٣٧٨).
(^٧) مطبوع بمطبعة المدني - مكة المكرمة - تحقيق: د. حسين علي البواب - ١٩٨٧ م.
1 / 21
٨ - الجواهر المكملة في الأخبار المسلسلة (^١).
٩ - ذات الحلل ومهاة الكلل (^٢): ذكره ابن الشعار، ومنه نسخة في دار الكتب المصرية، ونسخة مصورة عن دار الكتب المصرية بمعهد المخطوطات العربية، وقد ألحقها الأستاذ الدالي بكتاب سفر السعادة.
١٠ - سفر السعادة وسفير الإفادة (^٣).
١١ - شرح مشكاة المصابيح للبغوي (^٤).
١٢ - شكوى الاشتياق إلى النبي الطاهر الأخلاق (^٥).
١٣ - الطود الراسخ في المنسوخ والناسخ في القراءة (^٦).
١٤ - عمدة المفيد وعدة المجيد في معرفة التجويد: منظومة في أحكام التجويد، وهي مضمنة في كتاب (جمال القراء)، وأفاد منها من بعده كثيرا (^٧).
١٥ - فتح الوصيد في شرح القصيد (^٨): شرح فيها قصيدة الإمام الشاطبي المسماة ب (حرز الأماني ووجه التهاني).
١٦ - القصائد السبع، في المدائح النبوية: ذكره ابن الجزري وحاجي خليفة (^٩).
١٧ - الكوكب الوقّاد: ذكره بروكلمان، باسم (الكوكب الوقاد في الاعتقاد في أصول الدين)، وذكره السيوطي في البغية باسم (الكوكب الوقاد في أصول الدين)، وفي هدية العارفين: الكوكب الوقاد في تصحيح الاعتقاد (^١٠).
_________
(^١) ينظر: كشف الظنون (١/ ٦١٧)، هدية العارفين (١/ ٣٧٨).
(^٢) ينظر: كشف الظنون (١/ ٦١٧)، هدية العارفين (١/ ٣٧٨).
(^٣) مطبوع - مجمع اللغة العربية بدمشق بتحقيق الأستاذ محمد أحمد الدالي. ط. ١٩٨٣ م.
(^٤) ينظر: كشف الظنون (٢/ ٦٩٨)، هدية العارفين (١/ ٣٧٨).
(^٥) ينظر: هدية العارفين (١/ ٣٧٨).
(^٦) ينظر: كشف الظنون (٢/ ١١١٨)، هدية العارفين (١/ ٣٧٨).
(^٧) ينظر: كشف الظنون (٢/ ١١٧١)، هدية العارفين (١/ ٣٧٨).
(^٨) مطبوع بدار البيان - الكويت - تحقيق: د. أحمد عدنان الزغبي - ٢٠٠٢ م.
(^٩) ذكره البغدادي في هدية العارفين بأكثر من اسم منها: ذات الأصول في مدح الرسول - ذات الأصول والقبول في مفاخر الرسول - ذات الدرر في معجزات سيد البشر.
ينظر: هدية العارفين (١/ ٣٧٨) ومنه نسخة في برلين (٧٧٥٢).
(^١٠) ينظر: تاريخ الأدب العربي لبروكلمان (١/ ٧٢٨)، كشف الظنون (٢/ ١٥٢٣)، هدية العارفين (١/ ٣٧٨).
1 / 22
١٨ - لواقح الفكر في أخبار من غبر (^١).
١٩ - مراتب الأصول وغرائب الفصول في القراءة (^٢).
٢٠ - المفاخرة بين دمشق والقاهرة: ذكره ابن الجزري، وهو من كتب السخاوي المفقودة.
٢١ - المفضل في شرح المفصل:
ذكره أكثر من ترجم للسخاوي والكتاب حقّق في عدد من الرسائل العلمية (^٣).
٢٢ - منازل الإجلال والتعظيم في فضائل القرآن العظيم (^٤).
٢٣ - مناسك الحج: ذكره ابن الشعار باسم (تحفة الناسك في معرفة المناسك) (^٥).
٢٤ - منهاج التوقيف في القراءة (^٦).
٢٥ - منير الدياجي في تفسير الأحاجي: ذكره الذهبي وابن الجزري وابن الشعار، وذكره السخاوي في كتابه سفر السعادة، وسماه السيوطي في البغية ب (شرح أحاجي الزمخشري) (^٧).
٢٦ - نثر الدرر في ذكر الآيات والسور (^٨).
٢٧ - هداية المرتاب وغاية الحفاظ والطلاب في نظم متشابه الكتاب منظومة في متشابه كلمات القرآن الكريم (^٩).
٢٨ - الوسيلة إلى كشف العقيلة (^١٠): هو الشرح الشهير على قصيدة الإمام الشاطبي، ذكره ابن الجزري، والذهبي والسيوطي، وابن قاضي شهبة وابن العماد الحنبلي
_________
(^١) ينظر: هدية العارفين (١/ ٣٧٨).
(^٢) ينظر: كشف الظنون (٢/ ١٦٥٠)، هدية العارفين (١/ ٣٧٨).
(^٣) منها: رسالة دكتوراه - كلية اللغة العربية - جامعة الأزهر - القاهرة - يوسف محمد محمود - ١٩٨١ م - رقم (٢٦٧٨)، رسالة دكتوراه - كلية اللغة العربية - جامعة الأزهر - القاهرة - محمود السيد الدريني - ١٩٩٢ م - رقم (٢٨٥٥).
(^٤) ينظر: كشف الظنون (٢/ ١٨٢٧)، هدية العارفين (١/ ٣٧٨).
(^٥) ينظر: كشف الظنون (٢/ ١٨٣٠)، هدية العارفين (١/ ٣٧٨).
(^٦) ينظر: كشف الظنون (٢/ ١١٧١)، هدية العارفين (١/ ٣٧٨).
(^٧) حققه الدكتور سلامة عبد الغفور المراقي بالسعودية.
(^٨) ينظر: كشف الظنون (٢/ ١٩٢٧)، هدية العارفين (١/ ٣٧٨).
(^٩) ينظر: كشف الظنون (٢/ ١١٧١)، هدية العارفين (١/ ٣٧٨) وهي مطبوعة محققة.
(^١٠) ينظر: كشف الظنون (١/ ١١٥٩)، هدية العارفين (١/ ٣٧٨) ومنه نسخة في تركيا - مكتبة سليم أغا رقم (٢٢).
1 / 23
وحاجي خليفة.
- ومن نظمه وشعره:
١ - منظومة في نظم الأحاجي تعقيبا على أحاجي الزمخشري.
٢ - منظومة في نظم متشابه آي الكتاب. وهي هداية المرتاب.
٣ - منظومة في نظم علم التجويد وأحكامه.
٤ - منظومة في نظم الأدب واللغة المسماة ب (ذات الحلل) وهي منظومة عدة أبياتها ثلاثة وأربعون بيتا ومائتا بيت، جمع فيها ثمانية وسبعين لفظا ومائتي لفظ مما اتفق لفظه، واختلف معناه، ويظهر فيها مقدرته الفائقة وسيطرته على نواصي اللغة، ومع غرابة موضوعها وطرافته وصعوبته إلا إنها نظم رقيق على نغمة بحر جميل - البسيط - تؤنس السماع وتمتعه ويصعب على من بدأ قراءتها ألا يتمها؛ لما لها من عذوبة وجرس وكذا لما تضمنته من فوائد لغوية وأدبية ... إلخ. وله عليها شرح جميل استوفى فيه الألفاظ الغريبة فيها.
٥ - وذكر أنّ له قصيدة في مدح السلطان صلاح الدين، وأخرى في مدح الأديب الفارقي.
وذكر السيوطي في البغية للسخاوي نظما متناثرا. وله قصيدة نونية جمع فيها فضائل شيخه أبي اليمن الكندي، رواها تلميذه أبو شامة (^١)، وعدة أبياتها أربعة وعشرون بيتا.
وله أيضا أبيات متناثرة من إنشائه في سفر السعادة. وأنشد له في مرآة الزمان أحد عشر بيتا من ميمية له طويلة في مدح الرسول ﷺ.
وقال السيوطي عن نظمه في بغية الوعاة: (ونظمه في الطبقة العليا).
ومن شعره ما نقلته لنا مصادر ترجمته عند ما حضرته الوفاة قال [من السريع]:
قالوا: غدا نأتي ديار الحمى ... وينزل الركب بمغناهم
وكل من كان مطيعا لهم ... أصبح مسرورا بلقياهم
قلت: فلي ذنب فما حيلتي؟ ... بأيّ وجه أتلقاهم
قالوا: أليس العفو من شأنهم؟ ... لا سيّما عمّن ترجّاهم (^٢)
_________
(^١) ينظر: الذيل على الروضتين (٩٦).
(^٢) ينظر: معجم الأدباء (١٥/ ٦٥).
1 / 24