تفسير النسفي
محقق
يوسف علي بديوي
الناشر
دار الكلم الطيب
الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٩ هجري
مكان النشر
بيروت
تصانيف
التفسير
وما يتبعه من الهضم والنقض لم يكن إلا جسمًا مركبًا من لحم وعظم وعروق وأعصاب وغير ذلك مما يدل على أنه مصنوع مؤلف كغيره من الأجسام ﴿انظر كيف نبيّن لهم الآيات﴾ أي الأعلام من الأدلة الظاهرة على بطلان قولهم ثمّ انظر ﴿أنى يؤفكون﴾ كيف يصرفون عن استماع الحق وتأمله بعد هذا البيان وهذا تعجيب من الله تعالى في ذهابهم عن الفرق بين الرب والمربوب
قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٧٦)
﴿قل أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضرًّا ولا نفعًا﴾ هو عيسى ﵇ أي شيئًا لا يستطيع أن يضركم
المائدة (٧٦ - ٨٠)
بمثل ما يضركم به الله من البلاء والمصائب في الأنفس والأموال ولا أن ينفعكم بمثل ما ينفعكم به من صحة الأبدان والسعة والخصب لأن كل ما يستطيعه البشر من المضار والمنافع فبتخليقه تعالى فكأنه لا يملك منه شيئًا وهذا دليل قاطع على أن أمره منافٍ للربوبية حيث جعله لا يستطيع ضرًا ولا نفعًا وصفة الرب أن يكون قادرًا على كل شيء لا يخرج مقدور عن قدرته ﴿والله هو السّميعُ العليمُ﴾ متعلق بأتعبدون أي أتشركون بالله ولا تخشونه وهو الذي يسمع ما تقولونه ويعلم ما تعتقدونه
قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ (٧٧)
﴿قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم﴾ الغلو مجاوزة الحد فغلو النصارى رفعه فوق قدره باستحقاق الألوهية وغلو اليهود وضعه عن استحقاق النبوة ﴿غير الحقِّ﴾ صفة لمصدر محذوف أي غلوا غير الحق يعني غلوًا باطلًا ﴿ولا تتّبعوآ أهوآءَ قومٍ قد ضلُّوا من قبلُ﴾ أي أسلافكم
1 / 466