تفسير الحداد المطبوع خطأ باسم التفسير الكبير للطبراني
محقق
هشام بن عبد الكريم البدراني الموصلي
الناشر
دار الكتاب الثقافي الأردن
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
٢٠٠٨ م
مكان النشر
إربد
تصانيف
وقوله ﷿: ﴿(يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ)﴾ أي يكلّفونكم ويذيقونكم أشدّ العذاب وأسوأه؛ وذلك أن فرعون جعل بني إسرائيل خدما وخولا. فصنف يبنون؛ وصنف يحرثون ويزرعون؛ وصنف يخدمونه، ومن لم يكن منهم في عمل من هذه الأعمال فعليه الجزية، فذلك سوء العذاب. وقيل: إنّهم كلّفوا الأعمال القذرة.
وقيل: تفسيره ما بعده: ﴿يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ؛﴾ وقرأ ابن محيص: «يذبحون» بالتخفيف. ومن قرأ بالتشديد فعلى التكثير؛ وذلك أن فرعون رأى في منامه نارا أقبلت من بيت المقدس فأحرقت مصر وأحرقت القبط وتركت بني إسرائيل. فسأل الكهنة، فقالوا: يولد في بني إسرائيل غلام؛ يكون هلاكك على يديه.
فأمر فرعون بقتل كلّ غلام يولد في بني إسرائيل؛ وترك كل أنثى؛ ففعلوا ذلك. وأسرع الموت في مشيخة بني إسرائيل؛ فقال القبط لفرعون: إن الموت وقع في مشيخة بني إسرائيل وأنت تذبح صغارهم فيوشك أن يقع العمل علينا؛ فأمروا أن يذبحوا سنة ويتركوا سنة؛ فولد هارون في السنة التي لا يذبحون فيها؛ فترك. وولد موسى في السنة التي يذبحون فيها.
قوله: ﴿(وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ)﴾ أي يتركوهنّ أحياء فلا يذبحوهن بل يستخدموهن.
وقيل: معناه يستحيون من الحياء الذي هو الرّحم؛ فإن القوم كانوا ينظرون إلى فروج نساء بني إسرائيل فيعلموا هل هنّ حبّل أم لا!!
قوله: ﴿وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ﴾ (٤٩)؛يعني في سومهم إياكم سوء العذاب محنة وفتنة عظيمة. وقيل: معناه: وفي إنجاء آبائكم منهم نعمة عظيمة. والبلاء ينصرف على وجهين: النعمة والمحنة. قال الله تعالى: ﴿وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً﴾ (^١).
وقوله ﷿: ﴿وَإِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْناكُمْ،﴾ وذلك أنه لمّا دنا هلاك فرعون أمر الله موسى أن يسري ببني إسرائيل من مصر؛ فأمر موسى قومه أن يسرجوا في بيوتهم إلى الصّبح. وألقى الله على القبط الموت؛ فاشتغلوا بدفنهم، وخرج موسى في ستمائة ألف وعشرين ألفا سوى الذّرية. وكان موسى على ساقتهم
(^١) الأنبياء ٣٥/.
1 / 162