تفسير البسملة - ضمن «آثار المعلمي»
محقق
محمد أجمل الإصلاحي
الناشر
دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٤ هـ
تصانيف
ولا
داعي إلى تأويله؛ لأن معنى "تبارك": تكاثرت بركته أي خيرُه.
وأسماء الله ﵎ كثيرة البركة، فبها تستفاد الخيرات، إذ بها يدعى سبحانه فيجيب، ويُستعان فيعين، ويُستغاث فيغيث، ويُستغفر فيغفر، وبه يُوحَّد ويُمجَّد ويُحمَد ويُسبَّح، إلى غير ذلك.
وقد قال ابن الأنباري: "تبارك الله: أي يتبرك باسمه في كل شيء". ذكره صاحب لسان العرب وغيره (^١).
فإن قيل: لكن السورة من أولها إنما عددت نعم الرب وبركاته وخيراته ﷿، ولا يظهر فيها ما يتعلق بالاسم.
قلت: هذا سؤال قوي، وجوابه بحمد الله ﷿ سهل، وهو أن تلك النعم تتعلق باسمين من أسمائه سبحانه، أحدهما: الرحمن، والثاني: الربّ.
ودلّ على ذلك بناؤه السورة على الأول: ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الرَّحْمَنُ (١) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (٢) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (٣) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (٤) ...﴾. ثم عقب تفصيلها بعنوان الثاني، وذلك قوله: ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾.
ومعنى الرحمن والرب موافق لذلك، فقد يكون أحد هذين أو كلاهما هو المراد بالاسم.
فإن قلت: إن النعم لا تتعلق بالاسم نفسه، وإنما تتعلق بالصفة التي دلَّ
_________
(^١) "اللسان" (برك ١٠/ ٣٩٦). ونص كلامه في "الزاهر" (١/ ١٤٧ - ١٤٨): " وقولهم (تبارك اسمك وتعالى جدك) فيه قولان: معنى تبارك: تقدس أي تطهر ... وقال قوم: معنى تبارك اسمك، تفاعل من البركة، أي البركة تكتسب وتنال بذكر اسمك".
7 / 33