318

64

قوله : { وقالت اليهود يد الله مغلولة } . قال بعضهم : قالوا : بخيل غير جواد ، لم يستقرضنا؟ قال الكلبي : كانوا من أخصب الناس وأكثرهم خيرا ، فلما عصوا الله وبدلوا نعمة الله كفرا كف الله عنهم بعض الذي كان بسط لهم ، فعند ذلك قالت اليهود : كف الله يده عنا ، فهي مغلولة . ولم يقولوا : مغلولة إلى عنقه ، ولكن قالوا عن قول الله للنبي عليه السلام : { ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك } أي فلا تنفق شيئا { ولا تبسطها كل البسط } [ الإسراء : 29 ] ، وذلك أن ينفق في معصية الله . قال الكلبي : وكذلك قالت اليهود : { يد الله مغلولة } فلا يبسطها علينا بشيء .

وقال مجاهد : قالوا : لقد تحمدنا الله بقوله : يا بني إسرائيل ، حتى جعل يده إلى نحره وكذبوا .

قوله : { غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا } قال الحسن : غلت أيديهم في النار .

قوله : { بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء } أي جواد ، مبسوطتان ، أي : بالنفقة ينفق كيف يشاء ، وهو مثل قوله : { يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر } [ الرعد : 26 ] .

قولبه : { وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا } وهم اليهود من بعد ما تبين لهم فكفروا به . وقال بعضهم : حملهم حسد محمد والعرب على أن كفروا به وهم يجدونه مكتوبا عندهم .

قال : { وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة } يعني اليهود والنصارى . { كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله } قال الحسن ومجاهد : { للحرب } يعني حرب محمد . قال الحسن : فأذلهم الله ونصره عليهم .

قال الكلبي : كلما مكروا مكرا أطفأ الله نار مكرهم . وقال بعضهم : أولئك اليهود ، فلم تجد اليهود ببلد إلا وجدتهم أذل أهله . لقد جاء الإسلام حين جاء وهم تحت أيدي المجوس ، أبغض خلق الله إليه ، نقمة وتصغيرا لهم بأعمالهم ، أعمال السوء .

قال : { ويسعون في الأرض فسادا والله لا يحب المفسدين } يعني يدعون فيها إلى خلاف دين الله وهم يعلمون ذلك .

ثم قال : { ولو أن أهل الكتاب ءامنوا واتقوا } . قال بعضهم : لو آمنوا بما أنزل الله واتقوا ما حرم الله { لكفرنا عنهم سيئاتهم ولأدخلناهم جنات النعيم } { ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم } قال بعضهم : إذا لأعطتهم السماء قطرها ، أو قال : بركتها ، والأرض نباتها .

وقال الحسن : لأوسعنا لهم في الرزق بهذا المطر . وهو قوله : { وألو استقاموا على الطريقة ، [ أي على الإيمان ] ، لأسقيناهم ماء غدقا } [ الجن : 16 ] أي رواء . وكقوله : { فقلت استتغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا } [ نوح : 10-11 ] . وإقامتهم التوراة والإنجيل أن يؤمنوا بمحمد وما جاء به ، لأنهم قد أمروا بذلك في كتابهم .

قوله : { منهم أمة مقتصدة } أي متبعة ، يعني من آمن من أهل الكتاب برسول الله وبما جاء به . قال : { وكثير منهم ساء ما يعملون } يعني من ثبت منهم على اليهودية والنصرانية .

صفحة ٣١٨