222

تفسير المراغي

الناشر

شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابى الحلبي وأولاده بمصر

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٣٦٥ هـ - ١٩٤٦ م

تصانيف

المعنى الجملي بعد أن دعا سبحانه العرب إلى الإسلام وأشرك معهم أهل الكتاب، لأنهم أجدر بإجلال إبراهيم واتباعه، وفي أثناء ذلك بين حقيقة ملة إبراهيم على الوجه الحقّ لا كما يعتقده اليهود والنصارى، ثم بيّن أن دين الله واحد على لسان النبيين جميعا، والفوارق فى الجزئيات والتفاصيل لا تغيّر من جوهر الدين في شىء، وقد جهل أهل الكتاب هذه الحقيقة، فقصروا نظرهم على ما امتاز به كل دين من التفاصيل والتقاليد التي أضافوها إلى التوراة والإنجيل، فبعد كل من الفريقين من الآخر أشدّ البعد، وصار كل منهما يحتكر الإيمان لنفسه، ويرمى الآخر بالكفر والإلحاد. الإيضاح (وَقالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصارى تَهْتَدُوا) أي وقالت اليهود: لا دين إلا اليهودية ولا يتقبل الله سواها، لأن نبيهم موسى أفضل الأنبياء، وكتابهم أفضل الكتب، ودينهم خير الأديان، ويكفرون بعيسى والإنجيل ومحمد والقرآن، وقالت النصارى: لا يتقبل الله إلا النصرانية لأن الهداية خاصة بها، إذ عيسى أفضل الأنبياء وكتابهم أجلّ الكتب، ودينهم خير الأديان، وقد كفروا بموسى والتوراة ومحمد والقرآن، ولو صحّ ما تقولون: لما كان إبراهيم مهتديا لأنه لم يكن يهوديا ولا نصرانيا، وأنتم جميعا متفقون على أنه سيد المهتدين وإمامهم، ومن ثمّ ردّ الله عليهم بقوله: (قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفًا) أي قل لهم: بل نتبع ملة إبراهيم الذي لا تنازعون فى هداه، فهى الملة التي لا انحراف فيها ولا زيغ. (وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) أي ولم يكن إبراهيم ممن يشرك بالله سواه من وثن أو صنم.

1 / 224