تفسير ابن باديس ((في مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير)).

عبد الحميد محمد بن باديس الصنهاجي (المتوفى: 1359هـ) ت. 1359 هجري
146

تفسير ابن باديس ((في مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير)).

محقق

علق عليه وخرج آياته وأحاديثه أحمد شمس الدين.

الناشر

دار الكتب العلمية بيروت

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٦هـ - ١٩٩٥م.

مكان النشر

لبنان.

تصانيف

وقدرته، وهذا من أنجع الأسباب في إنجاح الدعوة. وعليه في القرآن آيات كثيرة منها سورة ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ﴾ فينبغي لدعاة الحق أن يلزموه ولا يهملوه. ب- والبراءة من أهل الباطل، وذلك بإعلان المباينة لهم، والمخالفة لهم في عملهم، وما انبنى عليه عملهم بأسلوب المناصفة الذي جاءت به الآية فتحصل البراءة مع الفائدة المتقدمة. انبناء الأعمال على العقائد والأخلاق: فإن الآية- وإن كانت بالخطاب الأول للمشركين، ثم لأمثالهم من الكافرين- تفيد أن كل أحد تبنى أعماله على مذهبه وطريقته، التي هي خلقه وطبيعته. ونأخذ من هذا: أن الذي نوجه إليه الاهتمام الأعظم في تربية أنفسنا وتربية غيرنا هو تصحيح العقائد، وتقويم الأخلاق، فالباطن أساس الظاهر، وفي الجسد مضغة (٩) إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله (٢). فعل المؤمن ما يناسب إيمانه: فإن كان يعمل على طريقته وطبيعته اللائقة به، ولا يليق بالمؤمن ولا يشاكله إلاّ الصدق في القول، والإحسان، والوفاء، والأمانة، فلا يظلم من ظلمه، ولا يخون من خانه، ولا يكذب على من كذب عليه، فلا تجري أفعاله في مقابلة الناقص على ما يشاكل ذلك الناقص، بل تجري أفعاله على ما يشاكله هو في إيمانه وكماله. مراقبة الله في السلوك: فإن علمنا بأنه أعلم بمن هو أهدى سبيلًا، يدعونا إلى المبالغة في تقويم سلوكنا، حتى نكون على الصراط المستقيم الذي لا اعوجاج فيه، فإنه هو أهدى الطرق، وأقربها. وما ذلك الصراط المستقيم إلاّ القرآن العظيم، والهدي النبوي الكريم وسلوك السلف الصالح، وذلك هو دين الإسلام. نسأل الله لنا ولجميع المسلمين الاستقامة، والنجاة يوم القيامة، بمنه وكرمه آمين.

(١) المضغة: القطعة من اللحم، سميت بذلك لأنها تمضغ في الفم لصغرها. (٢) جزء من حديث عن النعمان بن بشير ﵁، عن رسول الله ﷺ قال: «الْحَلَالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشَبَّهَاتٌ لَا يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ فَمَنْ اتَّقَى الْمُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى أَلَا إِنَّ حِمَى اللَّهِ فِي أَرْضِهِ مَحَارِمُهُ أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ». رواه البخاري في الايمان باب٣٩، ومسلم في المساقاة حديث١٠٧، وابن ماجة في الفتن باب١٤. والدارمي في البيوع باب١.

1 / 150