211
{ سل } يا محمد ، أو من يصلح للسؤال ، سؤال توبيخ وتقرير وتقريع ، وتحقيق التقريع إنما هو على إنكار الحق المتقرر وإفحام لا استفهام حقيقى ، لأنه عالم بالآيات التى أنزلت علهيم كلها { بنى إسراءيل كم } قيل لا يجوز أن تكون للتكثير لتقدم السؤال ، قلت ، لا بأس بأنها للتكثير مع السؤال لأن السؤال غير حقيقى بل تقرير وتقريع ، وهى مفعول به أو مقدم لآتى بعده ، إلا على معنى ناولناهم فيكون مفعولا ثانيا { ءاتينهم من ءاية بينة } معجزرة ظاهرة فى صدق أنبيائهم ، على أيدى أنبيائهم ، كفلق البحر والعصا ، فمنهم من لم يؤمن ، ومنهم من آمن ، ولم يستقم ، أو آيات التوراة والإنجيل وغيرهما ولم يعلموا بها ، دالات على الأحكام الشرعية وعلى رسالتك وحقيقة دين الإسلام ، وذلك كله نعمة ، بدلوها بالإنكار وعدم العمل بمقتضاها ، ومن للبيان متعلق بمحذوف ، حال من كم ، أو زائدة فى التمييز ، ولو لم يتقدم نفى إلا على تقريعهم بأنهم كأنه لم تأتهم آية ، ويضعف جعل كم مفعولا لا مطلقا ، أى كم إيتاء آتيناهم ، فتكون من للابتداء أو للتبعية على أن آية بمعنى آيات { ومن يبدل نعمة الله } آيات التلاوة والمعجزات بالإنكار أو المحو أو التأويل { من بعد ما جاءته } كفرا كقوله تعالى ، ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا ، لا بعد مجرد الوصف فقط ، بل بعد حضورها عنده وفهمه إياه ، إذ لا يصدق أنها نعمة إن لم تفهم ، وربما يوجد التبديل من غير خبرة بالمبدل أو عن جهل به فيتوهم عذر فاعله ، سمى الله دينه نعمة ، وهو أفضل من نعم الصحة والمال والجاه { فإن الله شديد العقاب } جواب الشرط أى شديد العقاب له ، فإن لم تقدر له كان تعليلا للجواب ، أى عاقبه الله عقابا شديدا ، لأن الله شديد العقاب جزاء وفاقا إذ بدل أشد النعم ، وكان سببا لزيادة كفره ، وهو الاعتداء المعبر عنه بالآيات المعبر عنها بالنعمة وهن سبب الهدى وملزومه .
صفحة ٢٤٥