ذنب، فما الذنب إلا ذنب جانيها
ومنها ما رواه جماعة من العلماء، أن الحجاج بن يوسف كتب الى الحسن البصري والى عمرو بن عبيد والى واصل بن عطاء والى عامر الشعبي: أن يذكروا ما عندهم وما وصل اليهم في القضاء والقدر. فكتب اليه الحسن البصري: إن من أحسن ما انتهى الينا ما سمعت عن امير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) أنه قال: أتظن أن الذي نهاك دهاك؟ إنما دهاك أسفلك وأعلاك، والله بري من ذاك.
وكتب إليه عمرو بن عبيد: أحسن ما سمعت في القضاء والقدر، قول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام): لو كان الوزر في الأصل محتوما، كان الوزر في القصاص مظلوما.
وكتب إليه واصل بن عطاء: أحسن ما سمعت في القضاء والقدر قول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام): أيدلك على الطريق ويأخذ عليك المضيق؟
وكتب إليه الشعبي: أحسن ما سمعت في القضاء والقدر قول أمير المؤمنين علي يبن أبي طالب (عليه السلام): كلما استغفرت الله منه فهو منك، وكلما حمدت الله تعالى عليه فهو منه، فلما وصلت كتبهم الى الحجاج ووقف عليها قال: لقد أخذوها عن عين صافية. هذا مع ما كان عنده من الفضاضة والأمور الواهية.
ومما روي أيضا أن رجلا سأل جعفر بن محمد الصادق (عليهما السلام) عن القضاء والقدر؟ فقال: ما استطعت أن تلوم العبد عليه فهو فعله، وما لم تستطع أن تلوم العبد عليه، فهو فعل الله يقول الله للعبد: لم عصيت لم فسقت لم شربت الخمر لم زنيت؟ فهذا فعل العبد، ولا يقول: لم مرضت؟ لم قصرت؟ لم ابيضضت؟ لم اسوددت؟ لأنه من فعل الله في العبد.
ومن الحكايات أيضا: أن الفضل بن سهل سأل علي بن موسى الرضا (عليهما السلام) بين يدي المأمون؛ فقال: يا أبا الحسن، الخلق مجبورون؟ فقال: الله تعالى أعدل من أن يجبر خلقه ثم يعذبهم، قال فمطلقون؟ قال: الله تعالى أحكم من يهمل عبده ويكله الى نفسه.
ومنها: أن رجلا وقف على جماعة من المجبرة فقال لهم: أنا ما أعرف المجادلة والإطالة في الكلام؛ لكني أسمع في القرآن قوله تعالى:
كلمآ أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله
[المائدة:64]. ومفهوم هذا الكلام عند كل عاقل، أن الموقد للنار غير المطفئ. فانقطعوا ولم يردوا جوابا.
صفحة غير معروفة