202

تفسير صدر المتألهين

تصانيف

وقيل: إن الصلاة عبارة عن الملازمة من قوله تعالى:

تصلى نارا حامية

[الغاشية:4].

سيصلى نارا ذات لهب

[المسد:3] وسمي الفرس الثاني من أفراس المسابقة مصليا.

وقال صاحب الكشاف: الصلاة فعلة من صلى، كالزكاة من زكى، وكتابتها بالواو على لفظ المفخم، وحقيقة " صلى " حرك الصلوين، لأن المصلي يفعل ذلك في ركوعه وسجوده، وقيل للداعي: مصل، تشبيها له في تخشعه بالراكع والساجد.

واعترض عليه صاحب التفسير الكبير: بأن هذا يفضي الى طعن عظيم في كون القرآن حجة، لأن لفظ الصلاة من أشد الألفاظ شهرة، وأكثرها دورانا على ألسنة المسلمين، واشتقاقه من تحريك الصلوين من أبعد الأشياء اشتهارا فيما بين أهل النقل، ولو جوزنا انها في الأصل ما ذكر، ثم خفي واندرس حتى صار بحيث لا يعرفه الآن إلا الآحاد، لكان مثله جائزا في سائر الألفاظ، ولو جوزنا ذلك لما قطعنا بأن مراد الله من هذه الألفاظ ما يتبادر إلى أفهامنا، لاحتمال أنه كانت موضوعة لمعان أخر في زمان الرسول (صلى الله عليه وآله)، وكان مراد الله تلك المعاني، لكنها خفيت واندرست هي في زماننا كما وقع مثله في هذه اللفظة.

ولما كان هذا باطلا بالاجماع، علمنا أن هذا الاشتقاق الذي ذكره مردود باطل انتهى كلامه.

وفيه ما لا يخفى من التعسف، فإن اشتهار اللفظ في المعنى الاصطلاحي المنقول إليه دون اللغوي المنقول منه، لا يقدح في الحكم بكونه منقولا بحسب الرواية والضبط من أهل اللغة ولا يوجب ذلك عدم الاطلاع على معاني الألفاظ القرآنية في سابق الزمان، كزمان نزول القرآن، إذ بواسطة ضم القرآئن المعلومة لمن تتبع موارد الاستعمالات اللغوية، وتتبع معاني ألفاظ المفسرين وغيرهم الذين كانت أزمنتهم قريبة من زمان الوحي، يحصل اطلاع تام على معاني هذه اللغات في ذلك الزمان بلا شك.

والصلاة في الشرع عبارة عن أفعال مخصوصة، على وجوه وشرائط مخصوصة. وهذا يدل على أن هذا اللفظ منقول من اللغة الى الشرع.

صفحة غير معروفة