174

تفسير صدر المتألهين

تصانيف

في الكشاف: الذين يؤمنون: إما موصول بالمتقين على أنه صفة مجرورة، أو مدح، منصوب أو مرفوع، بتقدير: أعني الذين يؤمنون، أو: هم الذين يؤمنون.

وإما منقطع عن المتقين، مرفوع على الابتداء مخبر عنه بأولئك على هدى. فإذا كان موصولا، كان الوقف على المتقين حسنا غير تام، وإذا كان منقطعا كان وقفا تاما. انتهى.

واعلم أنه على تقدير كون " الذين " مع ما يليه متصلا بالمتقين وصفة له، فإن كان المراد بالتقوى ترك ما لا ينبغي، فهو يكون صفة مقيدة له، مترتبة عليه ترتب الفعل على القوة، وتوقف التحلية على التخلية، والتصوير على التطهير.

فإن النفس الإنسانية كاللوح القابل لنقوش العلوم الحقة؛ وهي الإيمان بالله واليوم الآخر والأخلاق الفاضلة التي هي مبادئ الأفعال الحسنة، كالصلاة والزكاة.

فيجب تطهره أولا بالتقوى عن النقوش الفاسدة حتى يمكن إثبات النقوش الجيدة فيه، ويستقر حصول الأوصاف الحسنة عليه، فلهذا السبب قدم ذكر التقوى وهي ترك ما لا ينبغي، ثم ذكر بعده فعل ما ينبغي وهو الإيمان والطاعة.

وإن فسر التقوى بما يعم فعل الطاعات وترك المعاصي، فيكون صفة موضحة للمتقين، وذلك لاشتماله على ما هو أصل الأعمال الصالحة، كالإيمان بالله وملكوته، فإنه من امهات الأعمال القلبية؛ وعلى أساس الحسنات كالصلاة والزكاة، فإنهما من أمهات العبادات البدنية والمالية، المستتبعة لسائر الطاعات، والتجنب عن المعاصي غالبا، ألا ترى الى قوله تعالى:

إن الصلوة تنهى عن الفحشآء والمنكر

[العنكبوت:45].

وقوله عليه وآله السلام: الصلاة عماد الدين، والزكاة قنطرة الإسلام.

تنبيه

صفحة غير معروفة