{ أولئك عليهم صلوات من ربهم } يعني ثناء ومدح وتعظيم { ورحمة } يعني عليهم رأفة بعد رحمة أو رحمة بعد رحمة { وأولئك هم المهتدون } قيل: بهذه الطريقة، وقيل: الى الجنة والثواب { إن الصفا والمروة } روي عن ابن عباس انه كان على الصفا والمروة صنمان وكان اهل الجاهلية يطوفون بينهما فكره المسلمون الطواف بينهما، وقيل: كانت اصناما يعبدونها منصوبة فكره المسلمون الطواف بينهما فنزلت الآية { من شعائر الله } قيل: المناسك، وقيل: من دين الله.
[2.159-169]
{ إن الذين يكتمون } الآية، وقيل: نزلت في اليهود والنصارى، وقيل: هو عام في كل من كتم { ويلعنهم اللاعنون } قيل: الملائكة والمؤمنون، وقيل: دواب الأرض { وإلهكم إله واحد } قيل: قال المشركون: كيف يسع الناس اله واحد فأنزل الله تعالى: { إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار } واعتقابهما لأن كل واحد منهما يعقب الآخر، وعنه (صلى الله عليه وآله وسلم):
" ويل لمن قرأ هذه الآية فمح بها ولم يتفكر فيها ولم يعتبر بها "
وقيل: اختلافهما في الجنس واللون والطول والقصر، ويقال: لم قدم الليل؟ قلنا: لأن الليل هو الأصل والضياء طارئ عليه لأنه تعالى خلق الارض مظلمة ثم خلق الشمس والقمر، وروي ان المشركين قالوا: أرنا يا محمد آية فنزلت هذه الآية وهي قوله تعالى: { إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار } الى قوله: { لآيات لقوم يعقلون } وقيل: لما نزل قوله تعالى: { والهكم اله واحد } قال المشركون: كيف يسع الناس اله واحد فأنزل الله تعالى: { ان في خلق السموات والارض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر } يعني السفن التي تجري في البحر { بما ينفع الناس } بركوبها والحمل عليها في التجارات والمكاسب { وما انزل الله من السماء من ماء } يعني المطر واختلفوا في الماء المنزل فقيل: انه ينزل من السماء على الحقيقة ولا مانع من ذلك وهو الظاهر، وقيل: انه ينزل من السحاب ، وقال بعضهم: انه تعالى بقدرته يحيل السحاب مياه البحر مع ملوحته ثم ينزل من السحاب بقدر الحاجة عذبا فراتا { فأحيى به الارض بعد موتها } يعني أحيى الارض بالنبات { وتصريف الرياح } تقلبها شمالا وجنوبا وقبولا ودبورا، وقيل: مجيئها مرة بالرحمة ومرة بالعذاب { والسحاب المسخر } أي المذلل يصرفها { بين السماء والارض } كيف يشاء، ان في ذلك { لآيات } يعني لحجج ودلالات { لقوم يعقلون } ينظرون بعيون عقولهم ويعتبرون لانها دلائل على عظيم القدرة وباهر الحكمة { ومن الناس من يتخذ من دون الله اندادا } قيل: أشباها، وقيل: أضدادا { يحبونهم كحب الله } يعني يحبون اصنامهم كحب المؤمنين لله تعالى { ولو يرى الذين ظلموا } قيل: خطاب للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والمراد غيره يعني ولو ترى هذا الظالم عند رؤية العذاب كيف يتجادلون لعجبت، وقيل: لو تراهم حين يتبرأ بعضهم من بعض { اذ تبرأ الذين اتبعوا } الآية، قيل: القادة والرؤساء من المشركين، وقيل: هم الشياطين الذين اتبعوا بالوسوسة من الجن، وقيل: شياطين الانس والجن، وقيل: من كان يدعونه شريكا وإلها { بهم الاسباب } قيل: الوصلات التي كانت بينهم { وقال الذين اتبعوا } يعني الاتباع للقادة { لو ان لنا كرة } أي عودة ورجعة إلى الدنيا { يأيها الناس كلوا مما في الارض حلالا طيبا } الآية، خطاب لجميع المكلفين من بني آدم، وقيل: الطيب الحلال، وقيل: المستلذ واعلم وفق الله الجميع لما يرضيه أن الله تعالى لما اذن في الحلال كان ذلك منعا من الحرام { خطوات الشيطان } قيل: اعماله، وقيل: خطاياه، وقيل: طاعتكم له { انه لكم عدو مبين } اي ظاهر العداوة.
[2.170-173]
{ واذا قيل لهم اتبعوا ما انزل الله } قيل: نزلت في كفار قريش، وقيل: في اليهود قالوا: ان اباءنا كانوا اعلم منا { ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق } الآية روي انها نزلت في اليهود، وقيل: هو عام يعني انهم دعوا الى الاسلام فلم يجيبوا وركنوا الى التقليد ضرب لهم مثلا قال تعالى: { ومثل الذين كفروا } صفتهم { كمثل الذي ينعق } بصوت { بما لا يسمع } من البهائم، قيل: { مثل الذين كفروا } في دعائك اياهم كمثل الناعق في دعائه البهائم التي لا تفهم كالابل والبقر والغنم، وقيل: مثل الذين كفروا في دعائهم آلهتهم من الاوثان كمثل الناعق في دعائه ما لا يسمع، وقيل: مثل الذين كفروا في قلة فهمهم وعقلهم كمثل الراعي يكلم البهائم وهي لا تعقل، وقيل: مثل الذين كفروا في دعائهم آلهتهم كمثل الناعق في دعائه الصدى في الجبل وغيره كذلك يخيل الى هؤلاء المشركين ان دعاءهم للاصنام مستجاب { يأيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم } من مستلذاته لان كل ما رزقه الله لا يكون الا حلالا، وقيل: الطيب الحلال { واشكروا لله } الذي رزقكم اياه { ان كنتم اياه تعبدون } يعني ان كنتم عارفين به وبنعمته يعني لان التمسك بعبادته وحده هو الذي عرفه، وقيل: ان كنتم مخلصين له في العبادة فان قيل: أيجب الشكر بهذا الشرط على المؤمنين أم يجب على الكافرين والفاسقين؟ قلنا: يجب على الجميع { انما حرم عليكم الميتة } وهي ما يموت من الحيوان { والدم } قيل: الدم المسفوح، وقيل: كل دم واختلفوا في دم السمك { ولحم الخنزير } وهو حيوان معروف { وما أهل به لغير الله } قيل: ما ذبح لغير الله، قال جار الله: في معنى ما اهل به اي رفع به الصوت للصنم وذلك قول الجاهلية بسم اللات والعزى { فمن اضطر } قيل: ضرورة مجاعة عند الأكثر، وقيل: اكره { غير باغ ولا عاد } بل غير باغ للذة اي طالب لها { ولا عاد } متجاوز سد الجوعة، وقيل: غير باغ على امام المسلمين من البغي ولا عاد بالمعصية.
[2.174-177]
{ ان الذين يكتمون ما انزل الله من الكتاب ويشترون به } الآية، نزلت في رؤساء اليهود كعب ابن الأشرق وحيي بن اخطب وغيرهم وكانوا يصيبون الهدايا من عوامهم ويرجون كون النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) منهم فلما بعث من غيرهم خافوا زوال ما كانوا عليه فغيروا صفته وكتموا ما في التوراة فأنزل الله تعالى فيهم هذه الآية، وروي عن ابن عباس: ان الملوك كانوا يسألون اليهود عن صفة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم ) فيحدثوهم فلما بعث سألوهم فأنكروا طمعا في مالهم وأعطاهم الملوك الأموال فنزلت الآية { اولئك } يعني الذين كتموا ذلك { ما يأكلون في بطونهم الا النار } يعني ان أكلهم في الدنيا وان كان حسنا طيبا في الحال فعاقبته النار كقوله تعالى:
ان الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما انما يأكلون في بطونهم نارا
صفحة غير معروفة