تفسير النسفي
محقق
يوسف علي بديوي
الناشر
دار الكلم الطيب
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٩ هـ - ١٩٩٨ م
مكان النشر
بيروت
عندهم صدقه ثم لزموا العناد وأبوا الانقياد استوجبوا النار فقيل لهم إن استبنتم العجز فاتركوا العناد فوضع فاتقوا النار موضعه لأن اتقاء النار سبب ترك العناد وهو من باب الكناية وهي من شعب البلاغة وفائدته الإيجاز الذي هو من حيلة القرآن والوقود ما ترفع به النار يعني الحطب وأما المصدر فمضموم وقد جاء فيه الفتح وصلة الذى والتى يجب أن تكون معلومًا للمخاطب فيحتمل أن يكونوا سمعوا من أهل الكتاب أو من رسول الله أو سمعوا قبل هذه الآية قوله تعالى نارا وقودها الناس والحجارة إنما جاءت النار منكرة ثم ومعرفة هنا لأن تلك الآية نزلت بمكة ثم نزلت هذه الآية بالمدينة مشارابها إلى ما عرفوه أولًا ومعنى قوله تعالى وقودها الناس والحجارة أنها نار ممتازة عن غيرها من النيران بأنها تتقد بالناس والحجارة وهي حجارة الكبريت فهي أشد توقدًا وأبطأ خمودًا وأنتن رائحة وألصق بالبدن أو الأصنام المعبودة فهي أشد تحسيرًا وإنما قرن الناس بالحجارة لأنهم قرنوا بها أنفسهم في الدنيا حيث عبدوها وجعلوها لله أندادًا ونحوه قوله تعالى ﴿إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله﴾ حَصَبُ جهنم أي حطبها فقرنهم بها محماة في نار جهنم إبلاغًا في إيلامهم ﴿أُعِدَّتْ للكافرين﴾ هيئت لهم فيه دليل على أن النار مخلوقة خلافًا لما يقوله جهم سنة الله في
كتابه أن يذكر الترغيب مع الترهيب تنشيطا لا كتساب ما يزلف وتثبيطا عن اقثراف ما يتلف
وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٢٥) فلما ذكر الكفار وأعمالهم وأوعدهم بالعقاب قفاه بذكر المؤمنين وأعمالهم وتبشيرهم بقوله ﴿وبشر
وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٢٥) فلما ذكر الكفار وأعمالهم وأوعدهم بالعقاب قفاه بذكر المؤمنين وأعمالهم وتبشيرهم بقوله ﴿وبشر
1 / 67