تفسير النسفي
محقق
يوسف علي بديوي
الناشر
دار الكلم الطيب
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٩ هـ - ١٩٩٨ م
مكان النشر
بيروت
وتركيبه وبنائه وفيه دليل على أن السحاب من السماء ينحدر منها يأخذ ماءه وقيل إنه يأخذ من البحر ويرتفع ظلمات مرفوع بالجار والمجرور لأنه قد قوى لكونه صفة لصيب بخلاف مالو قلت ابتداء فيه ظلمات ففيه خلاف بين الأخفش وسيبويه والرعد الصوت الذي يسمع من السحاب لاصطكاك أجرامه أو ملك يسوق السحاب والبرق الذي يلمع من السحاب من برق الشئ بريقًا إذا لمع والضمير في فيه يعود إلى الصيب فقد جعل الصيب مكانًا للظلمات فإن أريد به السحاب فظلماته إذا كان أسحم مطبقا سحمته وتطبيقه مضموما إليهما ظلمة الليل وأما ظلمات المطر فظلمة تكاثفه بتتابع القطر وظلمة أظلال غمامه مع ظلمة الليل وجعل الصيب مكانًا للرعد والبرق على إرادة السحاب به ظاهر وكذا إن اريد به المطر لأنهما متلبسان به في الجملة ولم يجمع الرعد والبرق لأنهما مصدران في الأصل يقال رعدت السماء رعدًا وبرقت برقًا فروعي حكم الأصل بأن ترك جمعهما ونكرت هذه الأشياء لأن المراد أنواع منها كأنه قيل فيه ظلمات داجية ورعد قاصف وبرق خاطف ﴿يجعلون أصابعهم في آذانهم﴾ الضمير لأصحاب الصيب وإن كان محذوفًا كما فى قوله أو هم قائلون لأن المحذوف باقٍ معناه وإن سقط لفظه ولا محل ليجعلون لكونه مستأنفًا لأنه لما ذكر الرعد والبرق على ما يؤذن بالشدة والهول فكأن قائلًا قال فكيف حالهم مع مثل ذلك الرعد فقيل يجعلون أصابعهم في آذانهم ثم قال فكيف حالهم مع مثل ذلك البرق فقال يكاد البرق يخطف أبصارهم وإنما ذكر الأصابع ولم يذكر الانامل ورءوس الأصابع هي التي تجعل في الأذان اتساعًا كقوله فاقطعوا ايديهما والمراد إلى الرسغ ولأن في ذكر الأصابع من المبالغة ما ليس في ذكر الأنامل وإنما لم يذكر الأصبع الخاص الذي تسدّ به الأذن لأن السبابة فعالة من السب فكان
1 / 59