159

تفسير النسفي

محقق

يوسف علي بديوي

الناشر

دار الكلم الطيب

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٩ هـ - ١٩٩٨ م

مكان النشر

بيروت

عن دوام عداوة الكفار للمسلمين وأنهم لا ينفكون عنها حتى يردوهم عن دينهم وحتى معناها التعليل نحو فلان يعبد الله حتى يدخل الجنة أي يقاتلونكم كي يردوكم وقوله تعالى ﴿إن استطاعوا﴾ استبعاد لا ستطاعتهم كقولك لعدوك إن ظفرت بي فلا تبق علي وأنت واثق بأنه لا يظفر بك ﴿وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ﴾ ومن يرجع عن دينه إلى دينهم ﴿فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ﴾ أي يمت على الردة ﴿فأولئك حَبِطَتْ أعمالهم فِي الدنيا والآخرة﴾ لما يفوتهم بالردة مما للمسلمين في الدنيا من ثمرات الإسلام وفي الآخرة من الثواب وحسن المآب ﴿وأولئك أصحاب النار هُمْ فِيهَا خالدون﴾ وبها احتج الشافعي ﵀ على أن الردة لا تحبط العمل حتى يموت عليها وقلنا قد علق الحبط بنفس الردة بقوله تعالى ﴿وَمَن يَكْفُرْ بالإيمان فَقَدْ حبط عمله﴾ والأصل عندنا أن المطلق لا يحمل على المقيد وعنده يحمل عليه فهو بناء على هذا
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢١٨) ولما قالت السرية أيكون لنا أجر المجاهدين فى سبيل الله نزل ﴿إن الذين آمنوا والذين هَاجَرُواْ﴾ تركوا مكة وعشائرهم ﴿وجاهدوا فِي سبيل الله﴾ مع المشركين ولا وقف عليه لأن ﴿أولئك يَرْجُونَ رحمة الله﴾ خبر إن قيل من رجا طلب ومن خاف هرب ﴿والله غَفُورٌ رَّحِيمٌ
يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (٢١٩) ! نزل في الخمر أربع آيات نزل بمكة وَمِن ثمرات النخيل والأعناب تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا فكان المسلمون يشربونها وهي لهم حلال ثم إن عمر ونفرًا من الصحابة قالوا يا رسول الله أفتنا في الخمر فإنها مذهبة للعقل البقرة (٢١٩ - ٢٢٠) مسلبة للمال فنزل ﴿يسألونك عَنِ الخمر والميسر﴾ فشربها قوم وتركها آخرون ثم دعا عبد الرحمن ابن عوف جماعة فشربوا وسكروا وأم بعضهم فقرأ قل يا أيها الكافرون أعبد ما تعبدون فنزل لاَ تَقْرَبُواْ

1 / 181