211

معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي

محقق

حققه وخرج أحاديثه محمد عبد الله النمر - عثمان جمعة ضميرية - سليمان مسلم الحرش

الناشر

دار طيبة للنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الرابعة

سنة النشر

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

يَوْمَ النَّحْرِ وَأَفَاضَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ حَلَّ مِنْ كُلِّ شَيْءِ حُرِمَ مِنْهُ، وَفَعَلَ مِثْلَ مَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَنْ أَهْدَى وَسَاقَ الْهَدْيَ مِنَ النَّاسِ. وَعَنْ عُرْوَةَ أَنَّ عَائِشَةَ ﵂ أَخْبَرَتْهُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فِي تَمَتُّعِهِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَتَمَتَّعَ النَّاسُ مَعَهُ بِمِثْلِ الَّذِي أَخْبَرَنِي سَالِمٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ (١) . قَالَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ ﵁، قد اختلف الرِّوَايَةُ فِي إِحْرَامِ النَّبِيِّ ﷺ كَمَا ذَكَرْنَا وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ اخْتِلَافِ الْأَحَادِيثِ كَلَامًا مُوجَزًا أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ كَانَ مِنْهُمُ الْمُفْرِدُ وَالْقَارِنُ وَالْمُتَمَتِّعُ وَكُلٌّ كَانَ يَأْخُذُ مِنْهُ أَمْرَ نُسُكِهِ وَيَصْدُرُ عَنْ تَعْلِيمِهِ، فَأُضِيفَ الْكُلُّ إِلَيْهِ عَلَى مَعْنَى أنه أمر به وَأَذِنَ فِيهَا وَيَجُوزُ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ إِضَافَةُ (الشَّيْءِ) (٢) إِلَى الْآمِرِ بِهِ، كَمَا يَجُوزُ إِضَافَتُهُ إِلَى الْفَاعِلِ لَهُ كَمَا يُقَالُ بَنَى فُلَانٌ دَارًا، وَأُرِيدَ أَنَّهُ أَمَرَ بِبِنَائِهَا، وَكَمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ رَجَمَ مَاعِزًا، وَإِنَّمَا أَمَرَ بِرَجْمِهِ وَاخْتَارَ الشَّافِعِيُّ الْإِفْرَادَ لِرِوَايَةِ جَابِرٍ وَعَائِشَةَ وَابْنِ عُمَرَ، وَقَدَّمَهَا عَلَى رِوَايَةِ غَيْرِهِمْ لِتَقَدُّمِ صُحْبَةِ جَابِرٍ النَّبِيَّ ﷺ وَحَسَّنَ سِيَاقَهُ لِابْتِدَاءِ قِصَّةِ حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَآخِرِهَا، وَلِفَضْلِ حِفْظِ عَائِشَةَ ﵂، وَقُرْبِ ابْنِ عُمَرَ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ. وَمَالَ الشَّافِعِيُّ فِي "اخْتِلَافِ الْأَحَادِيثِ" إِلَى التَّمَتُّعِ، وَقَالَ لَيْسَ شَيْءٌ مِنَ الِاخْتِلَافِ أَيْسَرَ مِنْ هَذَا وَإِنْ كَانَ الْغَلَطُ فِيهِ قَبِيحًا مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ مُبَاحٌ لِأَنَّ الْكِتَابَ ثُمَّ السُّنَّةَ ثُمَّ مَا لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا عَلَى أَنَّ التَّمَتُّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ وَإِفْرَادَ الْحَجِّ وَالْقِرَانَ، وَاسِعٌ كُلُّهُ وَقَالَ: مَنْ قَالَ إِنَّهُ أَفْرَدَ الْحَجَّ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ قَالَهُ عَلَى مَا لَا يَعْرِفُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ الَّذِينَ أَدْرَكَ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّ أَحَدًا لَا يَكُونُ مُقِيمًا عَلَى الْحَجِّ إِلَّا وَقَدِ ابْتَدَأَ إِحْرَامَهُ بِالْحَجِّ (٣) قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ ﵀: وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مُتَمَتِّعًا أَنَّ الرِّوَايَةَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ مُتَعَارِضَةٌ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄ قَالَ: "تَمَتَّعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي [حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ (٤) وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ] (٥) فِي تَمَتُّعِهِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ، فَتَمَتَّعَ النَّاسُ مَعَهُ بِمِثْلِ الَّذِي أَخْبَرَنِي سَالِمٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ "هَذِهِ عُمْرَةٌ اسْتَمْتَعْنَا بِهَا". وَقَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ فِي الْمُتْعَةِ: صَنَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَصَنَعْنَاهَا مَعَهُ. قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ: وَمَا رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ قَالَ: خَرَجْنَا لَا نَنْوِي إِلَّا الْحَجَّ -لَا يُنَافِي التَّمَتُّعَ لِأَنَّ

(١) جزء من حديث رواه البخاري في الحج - باب: من ساق البدن معه ٣ / ٥٣٩. ومسلم: في الحج - باب: وجوب الدم على المتمتع برقم (١٢٢٧) ٢ / ٩٠١. والمصنف في شرح السنة: ٧ / ٦٦-٦٨. (٢) وفي "ب" الفعل. (٣) انظر: اختلاف الحديث للشافعي، بهامش الأم: ٧ / ٤٠٤-٤٠٩. (٤) جزء من حديث ابن عمر السابق عند الشيخين. (٥) ساقط من "أ".

1 / 220