معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي
محقق
حققه وخرج أحاديثه محمد عبد الله النمر - عثمان جمعة ضميرية - سليمان مسلم الحرش
الناشر
دار طيبة للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الرابعة
سنة النشر
١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م
الْإِسْلَامِ ﴿فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ مُؤْمِنُونَ وَقِيلَ: مُخْلِصُونَ وَقِيلَ: مُفَوِّضُونَ وَالنَّهْيُ فِي ظَاهِرِ الْكَلَامِ وَقَعَ عَلَى الْمَوْتِ، وَإِنَّمَا نُهُوا فِي الْحَقِيقَةِ عَنْ تَرْكِ الْإِسْلَامِ، مَعْنَاهُ: دَاوِمُوا عَلَى الْإِسْلَامِ حَتَّى لَا يُصَادِفَكُمُ الْمَوْتُ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ، وَعَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ ﵀ أَنَّهُ قَالَ: ﴿إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ أَيْ مُحْسِنُونَ بِرَبِّكُمُ الظَّنَّ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي شُرَيْحٍ أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ أَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ أَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ يَقُولُ: "لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاللَّهِ ﷿" (١) .
﴿أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (١٣٣) تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٣٤)﴾
﴿أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ﴾ يَعْنِي أَكُنْتُمْ شُهَدَاءَ، يُرِيدُ مَا كُنْتُمْ شُهَدَاءَ حُضُورًا ﴿إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ﴾ أَيْ حِينَ قَرُبَ يَعْقُوبُ مِنَ الْمَوْتِ، قِيلَ: نَزَلَتْ فِي الْيَهُودِ حِينَ قَالُوا لِلنَّبِيِّ ﷺ أَلَسْتَ تَعْلَمُ أَنَّ يَعْقُوبَ يَوْمَ مَاتَ أَوْصَى بَنِيهِ بِالْيَهُودِيَّةِ فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَكُونُ الْخِطَابُ لِلْيَهُودِ، وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: لِمَا دَخَلَ يَعْقُوبُ مِصْرَ رَآهُمْ يَعْبُدُونَ الْأَوْثَانَ وَالنِّيرَانَ، فَجَمَعَ وَلَدَهُ وَخَافَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ فَقَالَ ﷿ ﴿إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي﴾ قَالَ عَطَاءٌ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَقْبِضْ نَبِيًّا حَتَّى يُخَيِّرَهُ بَيْنَ الْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ فَلَمَّا خَيَّرَ يَعْقُوبَ قَالَ: أَنْظِرْنِي حَتَّى أَسْأَلَ وَلَدِي وَأُوصِيَهُمْ، فَفَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ بِهِ فَجَمَعَ وَلَدَهُ وَوَلَدَ وَلَدِهِ، وَقَالَ لَهُمْ قَدْ حَضَرَ أَجَلِي فَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي ﴿قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ﴾ وَكَانَ إِسْمَاعِيلُ عَمًّا لَهُمْ وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الْعَمَّ أَبًا كَمَا تُسَمِّي الْخَالَةَ أُمًّا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: "عَمُّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيهِ" (٢) وَقَالَ في عمه ١٩/ب الْعَبَّاسِ: "رُدُّوا عَلَيَّ أَبِي فَإِنِّي أَخْشَى أَنْ تَفْعَلَ بِهِ قُرَيْشٌ مَا فَعَلَتْ ثَقِيفٌ بِعُرْوَةَ بْنِ
(١) أخرجه مسلم: في الجنة - باب: الأمر بحسن الظن بالله تعالى عند الموت برقم (٢٨٧٧) ٤ / ٢٢٠٥. والمصنف في شرح السنة: ٥ / ٣٧٢. (٢) أخرجه مسلم: في الزكاة - باب: في تقديم الزكاة ومنعها برقم (٩٨٣) ٢ / ٦٧٦-٦٧٧. انظر شرح السنة ٦ / ٣٣.
1 / 154