معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي
محقق
حققه وخرج أحاديثه محمد عبد الله النمر - عثمان جمعة ضميرية - سليمان مسلم الحرش
الناشر
دار طيبة للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الرابعة
سنة النشر
١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م
﴿وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا﴾ أَيْ أَوْلَادِنَا ﴿أُمَّةً﴾ جَمَاعَةً وَالْأُمَّةُ أَتْبَاعُ الْأَنْبِيَاءِ ﴿مُسْلِمَةً لَكَ﴾ خَاضِعَةً لَكَ.
﴿وَأَرِنَا﴾ عَلِّمْنَا وَعَرِّفْنَا، قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ سَاكِنَةَ الرَّاءِ وَأَبُو عَمْرٍو بِالِاخْتِلَاسِ وَالْبَاقُونَ بِكَسْرِهَا وَوَافَقَ ابْنُ عَامِرٍ وَأَبُو بَكْرٍ فِي الْإِسْكَانِ فِي حم السَّجْدَةِ، وَأَصْلُهُ أَرْئِنَا فَحُذِفَتِ الْهَمْزَةُ طَلَبًا لِلْخِفَّةِ وَنُقِلَتْ حَرَكَتُهَا إِلَى الرَّاءِ وَمَنْ سَكَّنَهَا قَالَ: ذَهَبَتِ الْهَمْزَةُ فَذَهَبَتْ حَرَكَتُهَا، ﴿مَنَاسِكَنَا﴾ شَرَائِعَ دِينِنَا وَأَعْلَامَ حَجِّنَا.
وَقِيلَ: مَوَاضِعَ حَجِّنَا، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: مَذَابِحَنَا وَالنُّسُكُ الذَّبِيحَةُ، وَقِيلَ: مُتَعَبَّدَاتِنَا، وَأَصْلُ النُّسُكِ الْعِبَادَةُ، وَالنَّاسِكُ الْعَابِدُ فَأَجَابَ اللَّهُ تَعَالَى دُعَاءَهُمَا فَبَعَثَ جِبْرِيلَ فَأَرَاهُمَا الْمَنَاسِكَ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ فَلَمَّا بَلَغَ عَرَفَاتٍ قَالَ: عَرَفْتَ يَا إِبْرَاهِيمُ؟ قَالَ: نَعَمْ فَسَمَّى الْوَقْتَ عَرَفَةَ وَالْمَوْضِعَ عَرَفَاتٍ.
﴿وَتُبْ عَلَيْنَا﴾ تَجَاوَزْ عَنَّا ﴿إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ﴾
﴿رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١٢٩)﴾
أَيْ فِي الْأُمَّةِ الْمُسْلِمَةِ مِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَقِيلَ: مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ ﴿رَسُولًا مِنْهُمْ﴾ أَيْ مُرْسَلًا مِنْهُمْ أَرَادَ بِهِ مُحَمَّدًا ﷺ.
حَدَّثَنَا السَّيِّدُ أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الْمُوسَوِيُّ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بن عباس ١٩/أالْبَلْخِيُّ أَنَا الْإِمَامُ أَبُو سُلَيْمَانَ حَمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْخَطَّابِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمَكِّيِّ أَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَنَا ابْنُ أَخِي ابْنِ وَهْبٍ أَنَا عَمِّي أَنَا مُعَاوِيَةُ عَنْ صَالِحٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ هِلَالٍ السُّلَمِيِّ عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ: "إِنِّي عِنْدَ اللَّهِ مَكْتُوبٌ خَاتَمَ النَّبِيِّينَ، وَإِنَّ آدَمَ لَمُنْجَدِلٌ فِي طِينَتِهِ وَسَأُخْبِرُكُمْ بِأَوَّلِ أَمْرِي، أَنَا دَعْوَةُ إِبْرَاهِيمَ وَبِشَارَةُ عِيسَى وَرُؤْيَا أُمِّي الَّتِي رَأَتْ حِينَ وَضَعَتْنِي وَقَدْ خَرَجَ مِنْهَا نُورٌ أَضَاءَتْ لَهَا مِنْهُ قُصُورُ الشَّامِ" (١)
وَأَرَادَ بِدَعْوَةِ إِبْرَاهِيمَ هَذَا فَإِنَّهُ دَعَا أَنْ يَبْعَثَ فِي بَنِي إِسْمَاعِيلَ رَسُولًا مِنْهُمْ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كُلُّ الْأَنْبِيَاءِ
(١) رواه أحمد: ٤ / ١٢٧-١٢٨ عن العرباض بن سارية؛ والحاكم في المستدرك: ٢ / ٤١٨،٦٠٠. وابن حبان: في موارد الظمان: ص ٥١٢. والبيهقي: في دلائل النبوة: ١ / ٣٨٩-٣٩٠. والبزار والطبراني. وقال الهيثمي: أحد أسانيد أحمد رجاله رجال الصحيح غير سعيد بن سويد ولم يوثقه غير ابن حبان، (مجمع الزوائد: ٣ / ٢٢٣) . وأخرجه المصنف في شرح السنة: ١٣ / ٢٠٧ وانظر: الكافي الشاف لابن حجر ص (١٠) .
1 / 151