تفسير الراغب الأصفهاني
محقق
د. هند بنت محمد بن زاهد سردار
الناشر
كلية الدعوة وأصول الدين
مكان النشر
جامعة أم القرى
قوله ﷿:
﴿وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ﴾ الآية (٥٨) - سورة البقرة.
الدخول والولوج والتفحم والتوغل متقاربة، لكن الدخول عام، والولوج الدخول في مضيق والتفحم دخول في شدة، والتوغل في مشتبك شجر، وأوردت الإبل دخالًا إذا تداخلت في الورود وفلان دخيل في القوم، وفيه دخل كناية عن الفساد، ودخول في مغمرة بالكلام، والدخل طائر صغير سمي بذلك لدخوله.
خلال الشجر الملتفة، والحجر الضيقة، والقرية من قريت الشيء جمعت، وقيل أصله قرية، والقرى مجمع الماء، فكل بقعة يجتمع فيها الماء والأبنية قيل قرية، والمقرى للحوض، والقرى للحوضن والمكيلة، و(حطة) فعلة من حططت وقرى نصبًا ورفعًا، وبالنصب قيل هو مفعول بها نحو: قلت كلمة طيبة، وقيل هي في موضع سؤال أي: حط عنا ذنوبنا، نحو غفرًا لنا، وبالرفع قيل هي حكاية، كأنه قيل: ما نسأله حطة، وقيل معناه هو مغلم تحطون فيه رحالكم، والغفر ستر بحائل ومنه المغفر للبيضة والغفارة لخرقة يغطي بها الرأس ولما تلف على سنة القوس، وغفر المريض " نكس كأنه غطى المرض على عقله أو على صحته، وغفر ذنبه استعارة في الأصل، كقولهم: " ليست عليه ذيلي، والخطايا على ضروب أحدها أن يريد غير ما يحسن إرادته ويفعله فهذا هو الخطأ التام [من كل وجه] المأخوذ به الإنسان والثاني أن يريد ما يجوز فعله، لكن وقع منه خلاف ما أراد فيقال:
1 / 202