174

تفسير الراغب الأصفهاني

محقق

د. هند بنت محمد بن زاهد سردار

الناشر

كلية الدعوة وأصول الدين

مكان النشر

جامعة أم القرى

﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ الآية (٤٤) - سورة البقرة. البر: التوسع في أفعال الخير، بدلالة ما قاله ﵇ وقد سأله أبو ذر عن البر، فتلا عليه قوله تعالى: ﴿لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ﴾ الآية إلى قوله: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾. فذكر جملة أفعال الخير، فرائضها، ونوافلها، ومكارم الأخلاق كلها. فالبر في ثلاث: بر في معاملة الله تعالى وعبادته، وبر في معاملة الأقارب ومراعاة حقوقهم، وبر في معاملة الأجانب وإنصافهم. واشتقاقه من البر هو الفضاء والسعة، ولهذا وصف المؤمن بسعة الصدر، والكافر بضده، نحو قوله تعالى: ﴿فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا﴾ .. الآية، فسمي برًا ... وقد وصف الله تعالى بالبر كما وصف به العبد، يقال " بر العبد ربه "، أي أطاعه، على ذلك قول الشاعر: يبرك الناس ويفخرونكا والله ﷿ بر عبده، أي وسع عليه إحسانًا، ويقال: أبر فلان على فلان أي تقدمه ببر،

1 / 174