[100]
قوله تعالى : { أوكلما عاهدوا عهدا } ، (واو) العطف دخلت عليها الألف ألف الاستفهام كما تدخل على الفاء في قوله تعالى : { أفأنت تسمع الصم }[الزخرف : 40]{ أفتتخذونه وذريته أوليآء }[الكهف : 50]. وعلى (ثم) كقوله : { أثم إذا ما وقع }[يونس : 51].
قرأ أبو السمال (أو كلما) ساكنة الواو على النسق. و(كلما) انتصب على الظرف. قوله تعالى : { عاهدوا عهدا } يعني اليهود. قال ابن عباس : [لما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم ما أخذ الله عليهم وما عهده إليهم فيه ؛ قال مالك ابن المصفي : والله ما عهد إلينا في محمد عهدا ولا ميثاقا. فأنزل الله هذه الآية]. توضحه قراءة ابن رجاء أبي العطاردي : (أوكلما عوهدوا عهدا) فجعلهم مفعولين. ودليل هذا التأويل قوله تعالى : { وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه }[آل عمران : 187] الآية.
وقال بعضهم : هو أن اليهود عاهدوا : لئن خرج محمد لنؤمنن به ولنكونن معه على مشركي العرب وننفوهم من بلادهم. فلما بعث نقضوا العهد وكفروا به ، دليله قوله تعالى : { ولمآ جآءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله ورآء ظهورهم }[البقرة : 101] أي طرحوه وراء ظهورهم. { نبذه } ؛ أي طرحه { فريق منهم } ؛ أي طرحوه كأنهم لا يعلمون صدق ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم. قوله تعالى : { بل أكثرهم لا يؤمنون } ؛ أي أنهم يعلمون ذلك ولكنهم تجاهلوه كأنهم لا يعلمون.
صفحة ٩٦