تفسير القرآن العظيم المنسوب للإمام الطبراني

الطبراني ت. 360 هجري
82

تفسير القرآن العظيم المنسوب للإمام الطبراني

تصانيف

التفسير

[83]

قوله عز وجل : { وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل } ؛ أي أخذنا عليهم في التوراة العهد الشديد : { لا تعبدون إلا الله } ؛ بالتاء قرأ ابن كثير وحمزة والكسائي ؛ وقرأ الباقون بالياء. قال أبو عمرو : والإنزاه { وقولوا للناس } فدلت المخاطبة على التاء. قال الكسائي : إنما ارتفع { لا تعبدون } لأن معناه : أخذنا ميثاق بني إسرائيل أن لا تعبدون إلا الله. فلما ألقى (أن) رفع ، ومثله : لا يسفكون دماءكم ، ونظيره قوله تعالى : { قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون }[الزمر : 64] يريد : أن أعبد ؛ فلما حذف (أن) الناصبة عاد الفعل إلى المضارعة. وقرأ أبي بن كعب : (لا تعبدوا) جزما على النهي ؛ أي وقل لهم : لا تعبدوا إلا الله.

ومعنى الآية : أمرناهم بإخلاص العبادة لله عز وجل ، { وبالوالدين إحسانا } ؛ أي وصيناهم بالوالدين إحسانا برا بهما ؛ وعطفا عليهما. وإنما قال : { وبالوالدين } وأحدهما والدة ؛ لأن المذكر والمؤنث إذا اقترنا غلب المذكر لخفته وقوته.

قوله عز وجل : { وذي القربى واليتامى والمساكين } ؛ أي وبذي القربى. ووصيناهم بصلة الرحم. واليتامى : جمع يتيم ؛ وهو الطفل الذي لا أب له. والمساكين : الفقراء. وقوله تعالى : { وقولوا للناس حسنا } ؛ اختلف القراء فيه ؟ فقرأ زيد بن ثابت وأبو العالية وعاصم وأبو عمرو ونافع بضم الحاء وجزم السين ؛ وهي قراءة أبي حاتم ، ودليله قوله تعالى : { وبالدين حسنا } [النساء : 36] وقوله : { ثم بدل حسنا بعد سوء } [النمل : 11].

وقرأ ابن مسعود وحمزة والكسائي وخلف : (حسنا) بفتح الحاء والسين ؛ وهو اختيار أبي عبيد. قال : إنما آثرناها ؛ لأنها نعت بمعنى قولا حسنا. وقرأ عيسى بن عمر بضم الحاء والسين والتنوين ؛ وهو لغة مثل (النصب والسحت). وقرأ عاصم الجحدري (إحسانا) بالألف. وقرأ أبي بن كعب وطلحة بن مصرف (حسني) بالتأنيث مرسلة ؛ ومجازه كلمة حسنى.

ومعنى الآية : أيها الرؤساء من اليهود قولوا للسفلة قولا حسنا ؛ أي حقا وصدقا ، وبينوا لهم صفة النبي صلى الله عليه وسلم كما في التوراة ، ولا تكتموها ، ولا تغيروا صفة محمد صلى الله عليه وسلم. هذا قول ابن عباس وابن جبير وابن جريج ومقاتل. ودليله قوله تعالى : { ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا }[طه : 86] أي صدقا. وقيل : معناه : مروهم بالمعروف وانهوهم عن المنكر.

قوله تعالى : { وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ثم توليتم إلا قليلا منكم وأنتم معرضون } ؛ { ثم توليتم } أي ثم أعرضتم عن العهد والميثاق. وقوله { إلا قليلا منكم } هو عبدالله بن سلام وأصحابه. وانتصب (قليلا) على الاستثناء.

صفحة ٨٢