تفصيل النشأتين وتحصيل السعادتين
الناشر
دار مكتبة الحياة
مكان النشر
بيروت - لبنان
الموصوفين بقوله تعالى: (أولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا) .
والأفعال الجميلة والقبيحة يتقوى الإنسان فيها بتكريرها مرارًا كثيرة وزمانًا طويلًا وقتًا بعد وقت في أوقات متفاوتة، فإن من فعل ذلك في شيءٍ اعتاده، وإذا اعتاده تخلق به، فالحذق في الصناعة كالكتابة مثلًا يكون باعتياده فعل من هو حاذق في الكتابة. والأفعال التي يتعاطاها المتخلق بها تصير خلقًا. فحق الإنسان أن يتدرب بفعل الخير، فإن من تعوَّد فعلًا صار له ملكة، كالصبي قد يلعب بتعاطي صناعة فيؤدي لعبه بها إلى أن يتعلمها.
فصل
العبادات تكون محمودة إذا تعاطاها الإنسان طوعًا واختيارًا لا اتفاقًا واضطرارًا ودائمًا في زمان دون زمان، لأجل أن ذاتها حسنة لا لأجل غيرها، فمن أقامها على هذا الوجه فهو الموصوف بقوله تعالى: (واخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين وسوف يؤتي الله المؤمنين أجرًا عظيمًا) . وقال النبي ﷺ: " أخلص يكفك القليل من العمل ولا يرضى تعالى إلا الإخلاص " كما قال الله تعالى: (ألاَ لله الدين الخالص) . فإن من فعل خيرًا نحو أن يصلي لأنه اتفق اجتماعه مع المصلين فساعدهم أو أكره أن يصلي أو صلاَّها في شهر رمضان مثلًا دون سائر الأوقات أو لأجل أن ينال بها جاهًا أو مالًا، فليس ذلك مما يستحق بها محمدة. وكذا من ترك قبيحًا أما اتفاقًا أو اضطرارًا أو خوفًا أو في أي زمان دون زمان أو لأن ينال بذلك أمرًا
1 / 102